السؤال
أنا من المهتمين بالصحة الجسدية، ولهذا وصل بي اهتمامي الزائد عندما قرأت أنه من أول ما تقطف الثمرة تبدأ تفقد من فوائدها، وفكرت أن أشتري أرضا للزراعة للأكل منها، فهل هذا مناف للزهد؟ علما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان له أرض ومنزل. فهل شراؤهم -مثلا- عوضا عن دفع إيجار منزل، ويصبح ملكا مناف لكل منهالألء أرض لزراعتها وازهد أم لا؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان له منزل.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينافي الزهد التكسب بما ليس فيه اعتداء على أموال الناس، ولا استشراف القلب لما في أيديهم، ولم يشغل عن الطاعات الواجبة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المستدرك على الفتاوى الكبرى: إذا سلم فيه القلب من الهلع، واليد من العدوان، كان صاحبه محمودا؛ وإن كان معه مال عظيم، بل قد يكون مع هذا زاهدا أزهد من فقير هلوع. اهـ.
ثم إن الزراعة من أفضل المكاسب، وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه ـ من حديث جابر ـ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة.
وفي رواية: لا يغرس مسلم غرسا، ولا يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:
وفي الحديث: فضل الغرس، والزرع، والحض على عمارة الأرض, ويستنبط منه اتخاذ الضيعة، والقيام عليها، وفيه فساد قول من أنكر ذلك من المتزهدة، وحمل ما ورد من التنفير عن ذلك على ما إذا شغل عن أمر الدين, فمنه حديث ابن مسعود مرفوعا: (لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا) الحديث, قال القرطبي: يجمع بينه وبين حديث الباب بحمله على الاستكثار والاشتغال به عن أمر الدين, وحمل حديث الباب على اتخاذها للكفاف أو لنفع المسلمين بها وتحصيل ثوابها. اهـ.
والله أعلم.