داعية شاب جيد في إيصال الدين بحكمة وطريقة فعالة للشباب المعاصر، فهو قريب من سنهم ويعي الطرق الفعالة وانتقاء الكلام المناسب لمخاطبتهم والتأثير فيهم، هو يقول إن من الجلسة الشرعية وجود محرم يجلس مع الفتاة والشاب في كافيه أو مطعم لكن بعيدا عنهم قليلا ليترك مجالا لهما للكلام للتعارف حيث لا يسمع الكلام الذي يدور بينهما ولكنه قريب يراهما وموجود ليس ببعيد وكلامهما عن بعضهما لزيادة التعارف، بوجود المحرم وفي منزلهم يحس الشاب بنوع من الربط أو التوتر فلا يأخذ راحته في الحديث، وهو يود أن يخاطبها بأعصاب هادئة بقصد أخذ مساحة بوجود المحرم بعيدا قليلا حيث لا يسمع جيدا، والهدف زيادة التعرف كما قال، فهل هذا جائز حقا؟ مع العلم أنه إحقاقا للحق ذكر أولا قول الفقهاء الذين يرون عدم لقاء الخاطبين ثانية طالما وقع الاتفاق علي الخطبة، وبعدها ذكر الرأي الآخر الذي هو محل سؤالي، ولكونه داعية فمؤكد أكثر مني علما، فلهذا طرحت السؤال لمن أثق بكلامهم، شيء آخر بخصوصه: هو قال عن اللمس بين الخاطبين حرام ولم يذكر حديث أن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له، أو دليلا للحرمة، فأظن والله أعلم أن هذا داخل في أسلوبه في مخاطبة فئة الشباب غير القريب من الدين بشكل طبيعي، فهو يريد تحبيبهم وجذبهم للشرع واجتناب ما قد يقلقهم في البداية، هذا ظني وتفسيري من خلال متابعتي المستمرة، وإن كان كلامي يدخل في الظنون التي لا تستند علي دليل، وبالتالي لا يؤخذ بها إلا إن كان مقصده كذلك أفعله هذا صحيح بقصد مراعاه اختيار الكلام المناسب في الوقت المناسب لترغيبهم، ويعد من الحكمة في الدعوة فيكون تركه ذكر سبب التحريم في هذا الوقت محمودا أم كان الأولي شرحه ومحاولة إيصاله بطريقة ثانية؟ أنا فقط مستغرب من عدم ذكره للحديث، فشيء كهذا مؤكد لن يفوته إلا بقصد، ولسبب وجيه علي ما أعتقد، وأنا أريد أن أفهم هذا السبب، والعلماء يتصفون ببصيرة ونظرة حكيمة فضيلتكم أقصد، فأتمني الإلمام بكل احتمالات وجوانب هذه النقطة. جزيتم خيرا وأطال الله أعماركم وبارك فيها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فمن عزم على خطبة امرأة وظن الإجابة، جاز له النظر إليها، وجازت مكالمته لها في وجود محرم، وأما جلوس المحرم بعيدا عنهما بحيث يراهما ولا يسمع كلامهما، فهذا تنتفي به الخلوة المحرمة، كما قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ: (قوله باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس)، أي لا يخلو بها بحيث تحتجب اشخاصهما عنهم بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس " فتح الباري ـ ابن حجر ـ (9 / 333)
لكنا لا نرى حاجة لترك الخاطبين يتكلمان بحيث لا يسمعهما أحد، وراجع الفتوى رقم: 106927.
وأما عدم ذكر الداعية لدليل تحريم مس الأجنبية، فتراجع له الفتوى رقم: 118881

والله أعلم.