السؤال
هل فقد الإطلالة بعد تسليم العين المؤجرة في عقود الإيجار الموصوفة في الذمة بسبب خارج عن إرادة المؤجر -كإنشاء مبنى آخر- يعطي الحق للمستأجر في المطالبة بتخفيض الأجرة؟
هل فقد الإطلالة بعد تسليم العين المؤجرة في عقود الإيجار الموصوفة في الذمة بسبب خارج عن إرادة المؤجر -كإنشاء مبنى آخر- يعطي الحق للمستأجر في المطالبة بتخفيض الأجرة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من العيوب الخفيفة التي لا تؤثر على العين المؤجرة، ولا تفوت المنافع المقصودة منها لا يلزم منه شيء (لا فسخ للإجارة ولا حط من الإيجار)، إلا إذا نقص من قيمة الكراء، فيحط المكري (المؤجر) من الكراء بقدر النقص الحاصل؛ قال خليل في مختصره - معددا الحالات التي يلزم فيها المكتري جميع الكراء: ( ولزم الكراء بالتمكن, وإن فسد لجائحة أو غرق بعد وقت الحرث أو عدمه بذرا, أو سجنه، أو انهدمت شرفات البيت, أو سكن أجنبي بعضه, لا إن نقص من قيمة الكراء وإن قل ) اهـ.
وقال الدسوقي: حاصل فقه المسألة: أن الهدم في الدار المكتراة إما يسير, وهو ثلاثة أقسام: الأول: ما لا مضرة فيه, ولا ينقص شيئا من الكراء، كالشرفات، فهو كالعدم، يلزمه السكنى من غير حط. الثاني: ما لا مضرة فيه لكن ينقص من الكراء، كقلع البلاط، وسقوط البياض، ويلزم السكنى ويحط بقدره. الثالث: ما هو مضر، كالهطل، فيخير المكتري بين السكنى بجميع الكراء وبين الخروج. وإما كثير, وهو ثلاثة أقسام أيضا: الأول: أن يعيب السكنى, ولا يبطل شيئا من منافع الدار، كذهاب تحصينها، فيخير المكتري، كما تقدم. الثاني: أن يبطل بعض المنافع، كانهدام بيت من ذات بيوت، فيسكن ويحط عنه بقدره. الثالث: أن يبطل منافع أكثر الدار، فيخير. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية: إذا كان العيب لا يفوت المنافع المقصودة من العقد, كانهدام بعض محال الحجرات, بحيث لا يدخل الدار برد ولا مطر, وكانقطاع ذيل الدابة, وكانقطاع الماء عن الأرض مع إمكان الزرع بدون ماء, فإن ذلك وأمثاله لا يكون مقتضيا الفسخ. والعبرة فيما يستوجب الفسخ أو عدمه من العيوب بقول أهل الخبرة. اهـ.
هذا؛ واعلم أن عبارة: "الإيجار الموصوفة في الذمة" التي وردت في السؤال: لا يترتب عليه شيء فيما تسأل عنه هنا؛ فلا فرق فيما قدمنا بين كون الإجارة على معين أو على غير معين، وإنما يظهر الفرق عند فوت المنفعة وتعذر استيفائها؛ ففي الإجارة على معين يصار إلى الفسخ، وفي النوع الآخر يعطي المستأجر بدلها؛ جاء في المغني لابن قدامة: إذا وقعت الإجارة على عين, مثل: أن يستأجر عبدا للخدمة, أو لرعاية الغنم, أو جملا للحمل أو للركوب, فتلفت، انفسخ العقد بتلفها. وإن خرجت مستحقة, تبينا أن العقد باطل. وإن وجد بها عيبا فردها, انفسخ العقد, ولم يملك إبدالها; لأن العقد على معين, فثبتت هذه الأحكام, كما لو اشترى عينا. وإن وقعت على عين موصوفة في الذمة, انعكست هذه الأحكام, فمتى سلم إليه عينا فتلفت, لم تنفسخ الإجارة, ولزم المؤجر إبدالها. اهـ.
والله أعلم.