الهدي القرآني في علاج الناشز

0 193

السؤال

أنا متزوج من امرأة منذ سنتين ونصف، وابني الأول عنده سنتان، والثاني عنده خمسة أشهر، هي موظفة بالتربية والتعليم، وأنا موظف أيضا، لكن تعمل بشكل يومي، وأنا ممكن أشتغل في الشهر أربعة أيام، أو خمسة دون انتقاص في الراتب. المهم كانت تروح شغلها، وأجلس أنا بالولد، وأعتني به إلى أن تأتي من شغلها، وعندما تقعد بطفلها كانت تشتكي، وتبكي لي في الهاتف أنها غير قادرة أن تتحمل أن تقعد به، ومن هنا بدأت المشاكل؛ حيث إنها حملت مرة أخرى، وكنت أشتكي إلى أهلها أنها لا تقدر أن تقوم بتنظيف بيتها، وأن تجلس بالولد وأنا في الشغل، كان ردهم استحمل أنت لأنها حامل.
المهم بعد ولادتها الثانية لاحظت أنها لا تستطيع أن تجلس مع أولادها ساعة بدوني، مع العلم أنها تنزل شغلها وأجلس أنا بالطفلين، وكثرت المشاكل، حيث أريد الخروج من البيت لإنجاز مصلحة أو ما شابه ذلك، وعندما أعود إلى بيتي أجدها باكية وتنكد علي، مع العلم أني غير مقصر في بيتي من حيث المعيشة والخروج، وكل شيء تطلبه، ولا أمانع في ذهابها عند أمها، اتصلت بي أمي لكي أذهب لها وأنا أصطحب معي طفلي الكبير، غضبت واتصلت بإخوتها الذين سرعان ما حضروا، وحكيت لهم على أختهم، فرد علي أخوها الكبير قائلا لي: لا تخرج من بيتك إلا إلى شغلك، وبخلاف ذلك لا تخرج، ويقول لي: كلمني بصوت خفيض، واجلس وأنت تكلمني، وفي الآخر قال لأخته: خذي ملابسك، وأخذها معه، طبعا أنا فوجئت بما حدث، وسبحان الذي جعلني لا أقسم عليها يمين الطلاق، وعاتبتها وهي خارجة من الشقة، وقلت لها إن خرجت فأنا لست بندمان، ترد وتقول لي: أنت الذي تسببت في هذا، ومنذ أسبوعين لا أحد يتكلم معي، ومعهم الولدان. ما الحكم في ذلك؟ وآسف للإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد :

فلا يجوز لها الخروج للعمل ولا لغيره إلا بإذنك؛ فإن خرجت بغير إذنك فهي ناشز، قال الخطيب الشربيني: والنشوز يحصل بخروجها من منزل زوجها بغير إذنه. اهـ

وإذا كان واقع الحال ما ذكرته عنها، فمرها بالقعود في البيت، وعدم الخروج للعمل، ما دمت تأخذ راتبك كاملا، وقادرا على النفقة، وقيامها بشؤون أسرتها أولى وأعظم أجرا من خروجها للعمل. فإن أصرت على الخروج بغير إذنك فهي ناشز، وقد أرشد الله الأزواج في حال نشوز زوجاتهم بقوله: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا {النساء:34}.

وقد نص المفسرون والفقهاء على لزوم التدرج على النحو الذي ذكرته الآية الكريمة.
قال الإمام الرازي في تفسيره: والذي يدل عليه نص الآية أنه تعالى ابتدأ بالوعظ، ثم ترقى إلى الهجران في المضاجع، ثم ترقى إلى الضرب، وذلك تنبيه يجري مجرى التصريح في أنه مهما حصل الغرض بالطريقة الأخف وجب الاكتفاء به، ولم يجز الإقدام على الطريقة الأشق. انتهى.
وقال الكاساني الحنفي: فإن كانت ناشزة فله أن يؤدبها، لكن على الترتيب، فيعظها أولا على الرفق واللين، فلعلها تقبل الموعظة فتترك النشوز، وإلا هجرها، فإن تركت النشوز فبها، وإلا ضربها. انتهى.
والمقصود بالضرب هنا في الآية: هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، قال عطاء: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: بالسواك ونحوه .
فإن لم تستجب المرأة بعد ذلك، فيندب للرجل أن يطلقها ولا يمسكها. فقد أخرج الحاكم وصححه ووافقه الذهبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيها ماله، وقد قال عز وجل: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم. {النساء:5}.
قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق(بالضم) فلم يطلقها، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. انتهى. 

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى