السؤال
أنا شاب عقدت عقد النكاح وأنا مسافر على فتاة بموافقة ولي أمرها، وتم تحديد المهر. وبعد فترة سنة ونصف من الخطبة بتاريخ اليوم حدث خلاف بيننا، وقلت لها: أنا الآن سأتصل وإن لم تجيبي فأنت طالق بالثلاث. ثم اتصلت بها ولم ترد، ولكن كانت نيتي التخويف، فهل تم الطلاق هنا؟ وأنا صراحة لا أريد إنهاء هذا الزواج، فبعض المفتين قالوا: تم الطلاق. وكان مذهبهم المذهب الحنفي، ولكني قرأت بأن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قد قال بأن الطلاق هكذا يعتبر طلقة واحدة -والله أعلم-.
وإذا ما تم الطلاق هل يجب علي دفع المهر؟ وهل تجب عليها العدة؟
أفيدوني -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن الزوج إذا علق طلاق زوجته على شرط وقع الطلاق عند تحقق شرطه؛ سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق، أو قصد مجرد التهديد، أو التأكيد، أو المنع، وهذا هو المفتى به عندنا. لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن الزوج إذا لم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصد التهديد، أو التأكيد، أو المنع، فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه، وإنما تلزمه كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 11592.
كما أن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا عند أكثر أهل العلم، سواء في ذلك قبل الدخول والخلوة أو بعده؛ قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله-: "وإن طلق ثلاثا بكلمة واحدة وقع الثلاث، وحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، ولا فرق بين قبل الدخول وبعده. روي ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وابن مسعود، وأنس، وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة بعدهم" المغني - (8 / 241).
وعليه؛ فالمفتى به عندنا: أن زوجتك طلقت منك ثلاثا، وبانت منك بينونة كبرى؛ فلا تملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجا آخر -زواج رغبة، لا زواج تحليل-، ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.
أما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فما دمت لم تقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصدت التهديد، فلم يقع طلاقك، ولكن تلزمك كفارة يمين.
واعلم أن المسائل التي اختلف فيها أهل العلم لا حرج في العمل فيها بقول بعض العلماء، ما دام المستفتي مطمئنا إلى صحة قوله، وليس متبعا لهواه أو متلقطا للرخص، وانظر الفتوى رقم: 5583، والفتوى رقم: 241789.
والله أعلم.