السؤال
السؤال متعلق بوالدتي ـ أطال الله في عمرها ـ فهي امرأة كبيرة في السن تجاوز عمرها الثمانين، ولي إخوة وأخوات تحدث عندهم مناسبات عديدة من زواج أو خطبة أو مناسبات أخرى، ووالدتي تريد أن تشاركهم أفراحهم، وبعض من إخوتي لا يستطيعون السيطرة على أولادهم لتكون تلك الأفراح إسلامية بحيث لا تحتوي تلك المناسبات على موسيقى وغناء، والوالدة تخاف أن تحضر تلك المناسبات، فتغضب الله، أو لا تحضر فتسبب قطيعة بين الأولاد مع أنها أوضحت هذا الموضوع بعدم رغبتها بحضور مناسبات فيها غناء وموسيقى، فهل تحضر تلك المناسبات بما فيها من الأغاني والموسيقى رغبة في عدم الفرقة وتجميع العائلة؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أنه لا يجوز للمسلم أن يلبي دعوة تـشـتـمل على منكرات، كما في الفتاوى التالية أرقامها: 19109، 7877، 240802.
والموسيقى من المنكرات المحرمة، فإذا علمت والدتك أن هذه المناسبات مشتملة على الموسيقى أو الاختلاط ونحو ذلك لم يجز لها حضور ذلك الحفل، إلا إذا أرادت الإنكار عليهم وعلمت أو غلب على ظنها أن المنكر سيزول بإنكارها، قال صاحب الروض المربع ـ وهو من كتب الحنابلة ـ عن إجابة الدعوة المشتملة على أمر محرم: وإن علم المدعو ثم ـ أي في الوليمة ـ منكرا كزمر، وخمر، وآلات لهو، وفرش حرير، ونحوها، فإن كان يقدر على تغييره، حضر وغير، لأنه يؤدي بذلك فرضين: إجابة الدعوة، وإزالة المنكر، وإلا يقدر على تغييره أبى الحضور، لحديث عمر مرفوعا: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر ـ رواه الترمذي، وإن حضر من غير علم بالمنكر ثم علم به أزاله، لوجوبه عليه، ويجلس بعد ذلك، فإن دام المنكر لعجزه أي المدعو عنه انصرف، لئلا يكون قاصدا لرؤيته وسماعه، وإن علم المدعو به ـ أي بالمنكرـ ولم يره، ولم يسمعه خير بين الجلوس والأكل والانصراف، لعدم وجوب الإنكار حينئذ. انتهى.
وإذا كان ذهاب والدتك لهذه المناسبات في غير الوقت الذي تحصل فيه المنكرات، أو في موضع لا تشاهد فيه هذه المنكرات، فهو جائز، وتكون بذلك قد جمعت بين الإنكار بالفعل بعدم حضورها المنكرات وبين عدم تفرقة العائلة، قال الرحيباني: وإن علم المدعو به ـ أي: بالمنكر ـ ولم يره، ولم يسمعه، أبيح له الجلوس والأكل نصا، لأن المحرم رؤية المنكر وسماعه، ولم يوجد.
والله أعلم.