السؤال
أنا أبلغ من العمر 31 عاما، أعمل بالمملكة، متزوج ولدي طفلتان، زوجتي كانت معي في المملكة، ولظروف مرض أمها القاسي اضطررت لنزولها لتكون بجوار أمها، علما بأنني لدي من الغيرة ما يكفي لإثارة المشاكل من أي شخص كان، وذلك بسبب علاقتي السابقة بالنساء، ولكون الرسول عليه الصلاة والسلام أبلغنا أنه كما تدين تدان، فإنني أخاف على زوجتي من الفتنة، وقررت الابتعاد عن كل العلاقات، ولذلك اتفقت معها قبل نزولها أن تبتعد عن كل ما يثير غيرتي عليها من أي شخص، وبعد نزولها من الطبيعي أمها تزور الطبيب أكثر من مرة، وأغلب الأحيان خارج نفس المدينة، فتضطر زوجتي لترك بناتي مع أختها، وتذهب هي مع أمها لشدة علاقتها بها، بالرغم أنني قلت لها ممكن التقسيم ما بينك وبين أختك أنت مرة وأختك مرة فرفضت، المهم أنني وبالصدفة علمت أن زوج أختها يذهب معهم أحيانا، فغضبت غضب شديدا، وقلت لها لو صار هذا الموضوع مجددا، وصارت أحاديث ما بينك وبينه تكونين طالقا، وكررت نفس الموضوع، وفي هذه المرة لم يذهب أبوها معها ولا أخوها فقط أمها المريضة وهي وصديقة والدتها وزوج أختها، ولم ترجع إلى المنزل حتى الساعة الرابعة فجرا، علما بأن صديقة أمها لم ترجع معهم، وبالطبيعي هي وهو فقط أثناء الرحلة وأمها، ولكن من الطبيعي أن يكون هناك حديث، ماذا أفعل؟ الغيرة تقتلني، وكذلك لم تأخذ بحلفي اليمين، وأنا أرى أنني على صواب، وما وضعها من حلفي اليمين عليها؟ أفكر في النزول بالرغم من صعوبة هذا القرار، الرجاء إفادتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحسن أن تكون الغيرة من الرجل على زوجته، ولكن هذا حيث كانت الغيرة في محلها، وهي أن تكون عند وجود ريبة، وأما الغيرة في غير ريبة فإنها مذمومة، وتفتح على صاحبها أبوابا من الشكوك والأوهام التي يعذب بها نفسه، فهذا أمر ينبغي التنبه له، وراجع فتوانا رقم: 71340.
وقد أساءت زوجتك حين أمرتها بأن تجعل أمر ذهابها مع أمها مناوبة بينها وبين أختها فلم ترتض ذلك وخالفتك فيه، فالمرأة مأمورة شرعا بطاعة زوجها في المعروف، فإن خالفت أمره لغير عذر شرعي فهي آثمة وناشز، وعلاج الناشز قد بينه الشرع كما في الفتوى رقم: 1103.
هذا بالإضافة إلى أن سفرها بغير رفقة محرم معصية لله تعالى، فقد ثبت بالسنة الصحيحة نهي المرأة عن السفر إلا مع زوج أو محرم كما أوضحناه في الفتوى رقم: 6219.
وإن فعلت زوجتك ما علقت عليه طلاقها ـ على الوجه الذي قصدت منعها منه ـ فإنها تطلق بذلك ولو لم تقصد طلاقها، هذا هو قول جمهور الفقهاء والمفتى به عندنا، وذهب آخرون إلى أنه إذا قصد الزوج مجرد المنع والتهديد لزمته كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم: 17824، وإذا لم تكن هذه الطلقة الثالثة جازت الرجعة بدون عقد جديد ما دامت في العدة، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجع الفتوى رقم: 54195، وننبه هنا إلى تحري حل المشاكل الزوجية بغير ألفاظ الطلاق ونحوها مما يهدد كيان الأسرة.
ونزولك إلى بلدك إن كان من أجل تحقيق مصالح شرعية فهو أمر حسن، ولكن إن كان قد يزيد المشكلة تعقيدا فالأولى العدول عنه في هذا الآن، خاصة وأنه نزول متكلف قد يلحقك بسببه شيء من الحرج، ونوصيك بتحري الحكمة والاستعانة بالعقلاء ـ إن اقتضى الأمر ذلك ـ في سبيل التفاهم مع زوجتك.
وثم تنبيه أخير وهو أنه لا يلزم الزاني ونحوه أن يجازى في أهله بمثل ما فعل، وخاصة إن تاب إلى الله عز وجل وأناب، وسبق لنا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 280192، فراجعها والأرقام المحال عليها فيها.
والله أعلم.