السؤال
هل القرض بفائدة ممكن في بعض الحالات؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بين الله سبحانه وتعالى أن الضرورات تبيح المحظورات، ومن المقرر فقهيا أن الضرورة تقدر بقدرها، فقال الله -تبارك وتعالى: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه [الأنعام:119].
وقال الله تعالى بعد ذكر بعض المحرمات: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم [البقرة:173].
ومعلوم أن الربا من المحرمات التي جاء بها نص القرآن، فتوعد عليها ما لم يتوعد على غيرها، فقال عز وجل: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله [البقرة:279].
أي إن لم تتركوا الربا فقد حاربتم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن حارب الله ورسوله فليأذن بالحرب هو كذلك، ومع شدة حرمة الربا، وغلظ ذنب فاعليه، فقد أذن الله تعالى في فعله عند الضرورة كغيره من المحرمات، والاضطرار هنا يكون من المقترض لا من المقرض فيكون الذنب لاحقا بغير المضطر منهما -وهو المقرض- لوجود الرخصة في حق المقترض دونه، وقد وضع العلماء للضرورة ضوابط لا بد من مراعاتها، لئلا تتخذ وسيلة لارتكاب المحرم دون تحققها، ومن أهم هذه الضوابط:
أولا: أن تكون الضرورة قائمة لا منتظرة، فلا يجوز الاقتراض بالربا تحسبا لما قد يكون في المستقبل.
ثانيا: ألا يكون لدفع الضرورة وسيلة أخرى إلا مخالفة الأوامر والنواهي الشرعية، فلا يجوز الإقبال على القرض الربوي مع وجود البديل المشروع أو الأخف حرمة.
ثالثا: يجب على المضطر مراعاة قدر الضرورة، لأن ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، ولذلك قرر الفقهاء أنه لا يجوز للمضطر أن يأكل من الميتة، إلا بما يسد رمقه.
رابعا: ألا يقدم المضطر على فعل لا يحتمل الرخصة بحال، فلا يجوز له قتل غيره افتداء لنفسه، لأن نفسه ليست أولى من نفس غيره، ونحو هذا.
فعلى السائل أن يستوعب ما ذكرناه جيدا، وليتذكر المضطر دائما قول الله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا [الطلاق:2].
وقوله تعالى: إن مع العسر يسرا [الشرح:6]، وقوله تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء [النمل:62]، وراجع الفتاوى التالية:
10319، 24863.
والله نسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.