السؤال
أنا وزوجتي بيننا حب وأولاد وعشرة 5 سنوات، لكن زوجتي تصطنع المشاكل وتريدني لها فقط فبالأمس كنا متفقين أؤديها للطبيب فنمت وصحوت وميعاد الطبيب فات، فزعلت زوجتي وقلت لها تعالي نخرج أفسحكم، فرفضت وزعلت من أسلوبها ولم أرد عليها ونزلت أخرج مع أخي لمدة ساعة ورجعت للبيت بدون كلام معها لمنتصف الليل، ودخلت أنام بدون كلام معها، فإذا بها الفجر تدخل الغرفة وتفتح النور وتقلب في أغراض الغرفة، وغرضها إيقاظي فقمت من النوم وقلت لها هذا عيب اطلعي أريد أن أنام، فرفضت فقمت بغلق النور فأرادت فتح النور فمنعتها، فإذا بها تضربني في بطني، فقمت بضربها على وجهها فقامت برد الضرب على الوجه، وحصل تشابك بيننا وخبطتني بمرآة وتكسرت علي يدي، وكانت تقول أنا سأقتلك، وقامت بالتطاول علي بكل الشتائم، وكل هذا وأنا في حالة ذهول، فقلت أنا لم أعد أحتمل هذا وسأتزوج بخير منك، فحاولت الاعتداء علي بمنطقه الخصية وكانت تشتم وأنا أرد، وهذه المشكلة تتكرر ولكن كل أسبوعين وتتصرف هذه التصرفات، وأنا والله أريد الاستقرار في البيت ولا أريد غما، ولكنها تفقد أعصابها وتعتدي علي لفظيا وبيدها، هي طيبة في وقت الهدوء وعند وجود زعل تنفعل انفعالا جنونيا، فماذا أفعل؟ هل أتحمل هذا الوضع؟ علما أني أحضرت لها آراء علماء الدين بعدم جواز ما تفعله، وكانت ترد أن الدين الإسلامي ظلم المرأة، وكنت أقول لها عيب هذا الكلام والاعتراض، فهل أتزوج بغيرها أم أنزلها إلي بلدي الأم لأننا مغتربون هنا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحياة الزوجية لا تخلو من المشاكل في الغالب، ولكن ينبغي للزوجين الحرص على تحري الحكمة وأن يتغاضى كل منهما عن زلات الآخر، وأن يسدا بابا يمكن أن يؤدي إلى النزاع والفرقة، فإبليس وجنوده يعملون ليل نهار من أجل زرع الشحناء بين الأحبة، ففي صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجىء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجىء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ـ قال: ـ فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.
ومن الجميل أن يجلس الزوجان في ساعة صفاء ليضعا أسسا للتعامل بينهما من أجل الاستقرار في الحياة الزوجية، ومن ذلك أن يحرص كل واحد منكما على عدم فعل ما قد يستفز الآخر ويثير غضبه، وفي حال ثورة غضب أي منكما أن يبتعد الآخر حتى تهدأ النفوس، ثبت في صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت، فقال: أين ابن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني، فخرج فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء فقال: يا رسول الله؛ هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب.
جاء في فتح الباري: قال ابن بطال: وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه، قلت: ويحتمل أن يكون سبب خروج علي خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة ـ رضي الله عنهما ـ فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما. اهـ.
فلو اتبع كل منكما هذا السلوك والأدب لما حصل ما حصل، ومن الغريب أن يصل الأمر بين الزوجين إلى الضرب والتشابك بالأيدي، وقد أساءت زوجتك حين استفزتك بإضاءة الغرفة حال نومك وبضربها وشتمها لك، وفي المقابل قد أسأت حين ضربتها على وجهها، فقد ورد في ذلك نهي خاص، ففي سنن أبي داود ومسند أحمد عن معاوية بن حيدة ـ رضي الله عنه ـ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرأتي علي؟ قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تهجر إلا في البيت.
ولا ريب في أن في تصرفات زوجتك ما يقتضي نشوزها، وكيفية علاج الناشز قد أوضحها الشرع في خطوات سبق بيانها في الفتوى رقم: 1103، فاتبع معها هذه الخطوات، عسى الله أن يصلح حالها وترجع إلى رشدها، وأما إرجاعها إلى بلدك فلا تعجل إليه حتى تتبين مصلحته، فقد لا يكون التصرف الأمثل دائما، علما بأنه في حال إرجاعك إياها إلى البلد لا يجوز لك الغياب عنها أكثر من ستة أشهر بغير رضاها، إلا أن يحول بينك وبين السفر عذر؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 77173.
وننبه في الختام إلى خطورة ما ادعته زوجتك من أن الإسلام ظلم المرأة فهذه عبارة قد تؤدي بها إلى الكفر، فالواجب نصحها بالتوبة من ذلك، ويمكن إطلاعها على بعض الفتاوى المتوفرة عندنا ومنها الفتاوى التالية أرقامها 16441، 5729، 3661.
والله أعلم.