السؤال
أرجو أن تنصحوني، وتوجهوني كيف أحافظ على ديني في هذا الزمن، في بعض الأحيان أذهب مع أبي، ويؤذن للمغرب، وأبي لا يمر على المسجد، أو أخي مثلا.
فماذا أفعل وأنا محرج منهما، وحتى لو قلت لهما، يقولان نصلي إذا وصلنا البيت، ولكن سيخرج الوقت.
فأرجو أن توجهوني كيف أتعامل مع هذا الصنف من الناس، وأحافظ على ديني في هذا الزمن المليء بالمشاكل، وألا أتحرج من ديني.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم- بارك الله فيك- أن الله تعالى هو أحق من استحيي منه، قال تعالى: فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين {التوبة:13}. فعليك أن تكون صلبا في دين الله، كما قال تعالى: خذوا ما آتيناكم بقوة {البقرة:63، البقرة:93}، {الأعراف:171}.
ولا تأخذك في الحق لومة لائم، ولا تقدم على مرضات الله تعالى شيئا، واقرن هذا منك بحسن الخلق، والتأدب مع الكبار، فإذا حضرت الصلاة مثلا وأنتم بالطريق، فاطلب إلى أبيك بلين ورفق، أن تذهبوا للصلاة، فإن قال نصلي في البيت، وكنت تخشى أن يخرج الوقت، فذكره بأن الوقت قد يخرج، وأن إثم إضاعة الصلاة إثم عظيم، ولا نشك في أن أباك يستجيب لك إن أحسنت العرض، وتأدبت في الطلب، وإن لم تخشوا خروج الوقت، فلا حرج أن تؤخروا الصلاة حتى ترجعوا إلى البيت، وليست صلاة الجماعة في المسجد واجبة، وإن كانت من أفضل الأعمال، وأجل القربات، وحينئذ فقل لأبيك: الأولى أن نذهب إلى المسجد، وذكره بفضل الصلاة في المساجد وعمارتها، واستحضر من نصوص الكتاب والسنة ما يعينك على استمالة قلوبهم، وإيصال الحق إليهم.
ومما يعينك على التمسك بدينك، والعض عليه بالنواجذ، وألا تخشى في الله تعالى لومة لائم، أن تستحضر الموت، وما بعده من الأهوال العظام، والخطوب الجسام، وأن تكثر الفكرة في الجنة والنار، ساعتها يهون عليك كل شيء طلبا للجنة، وحذرا من النار، وأن تتفكر في أسماء الرب وصفاته، وتستحضر المثوبة التي أعدها لمن ينصر دينه، ويتمسك به في زمن إعراض الناس عنه، كما في حديث معقل بن يسار عند مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العبادة في الهرج كهجرة إلي،
ولتعلم أن من حفظ الله، حفظه الله؛ وأن من آثر مرضات ربه على كل شيء، كان مستحقا لعز الدنيا، وكرامة الآخرة.
ومن أكبر ما يعينك على ذلك: الاجتهاد في الدعاء، ومجاهدة النفس، وكثرة محاسبتها، ودوام تذكر نصوص الكتاب، والسنة، وتعلم العلم النافع الذي يحمل على ارتياد الفضائل، واجتناب الرذائل، وفقنا الله وإياك لكل خير.
والله أعلم.