السؤال
حلفت أمي بأنها لن تعطيني الجهاز، أتوقع لمدة أسبوع إذا فعلت أمرا؛ ففعلته، وكان من المفترض ألا آخذ الجهاز إلا بعد هذه المدة، فأخذته دون علمها، لم تعرف مطلقا بأني أخذته.
فهل علي، أو على أمي شيء، أو كفارة يمين، أو شيء من ذلك؟
حلفت أمي بأنها لن تعطيني الجهاز، أتوقع لمدة أسبوع إذا فعلت أمرا؛ ففعلته، وكان من المفترض ألا آخذ الجهاز إلا بعد هذه المدة، فأخذته دون علمها، لم تعرف مطلقا بأني أخذته.
فهل علي، أو على أمي شيء، أو كفارة يمين، أو شيء من ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكان الواجب أن تطيعي أمر أمك، ولا تعقيها، فالأصل وجوب طاعة الوالدين، فتوبي إلى الله من العقوق، وانظري ضوابط طاعة الوالدين، بالفتوى رقم: 190577.
وظاهر السؤال أن المحلوف عليه لم يقع؛ فإن اليمين على ألا تعطيك الجهاز، وهي لم تعطك إياه؛ فلا كفارة عليها إلا إن كانت تقصد منعك منه؛ فإن النية تؤثر في اليمين، فتخصصه، أو تعممه؛ كما بينا بالفتوى رقم: 297508.
وعليه، فإن كان قصدها أن لا تأخذي الجهاز سواء بنفسك، أو بإعطائها لك، فقد نوت باللفظ الخاص (لن تعطيك الجهاز) معنى أعم من لفظه، وهو: (منعك مطلقا من الانتفاع به خلال هذه الفترة)، ولفظها يحتمل ذلك؛ لأنها ربما حلفت على الغالب، وهو أنها هي التي تعطيك، -ولم تظن أنك قد تأخذين الجهاز بنفسك.
قال ابن قدامة في المغني في -أثر النية على اليمين-: ومنها، أن يريد بالخاص العام، مثل أن يحلف: لا شربت لفلان الماء من العطش. ينوي قطع كل ما له فيه منة، أو: لا يأوي مع امرأته في دار. يريد جفاءها بترك اجتماعها معه في جميع الدور، أو حلف: لا يلبس ثوبا من غزلها. يريد قطع منتها به، فيتعلق يمينه بالانتفاع به، أو بثمنه، مما لها فيه منة عليه. وبهذا قال مالك.
وقال أبو حنيفة، والشافعي: لا عبرة بالنية، والسبب فيما يخالف لفظه؛ لأن الحنث مخالفة ما عقد عليه اليمين، واليمين لفظه، فلو أحنثناه على ما سواه، لأحنثناه على ما نوى، لا على ما حلف، ولأن النية بمجردها لا تنعقد بها اليمين، فكذلك لا يحنث بمخالفتها.
ولنا، أنه نوى بكلامه ما يحتمله، ويسوغه في اللغة التعبير به، عنه، فينصرف يمينه إليه، كالمعاريض...انتهى.
وقد لا يكون لها نية، ولكن سبب اليمين أن تمنعك من الاستمتاع باللعب به، والاستمتاع به يحصل بأخذك له -ولو لم تعطك-، وعلى هذا فقد حنثت، وعليها كفارة يمين؛ فإن السبب له مدخل في تفسير اليمين.
قال ابن قدامة في المغني: مسألة؛ قال: (فإن لم ينو شيئا، رجع إلى سبب اليمين، وما هيجها) وجملته أنه إذا عدمت النية، نظرنا في سبب اليمين، وما أثارها؛ لدلالته على النية، فإذا حلف لا يأوي مع امرأته في هذه الدار، نظرنا؛ فإن كان سبب يمينه غيظا من جهة الدار، لضرر لحقه منها، أو منة عليه بها، اختصت بيمينه بها، وإن كان لغيظ لحقه من المرأة، يقتضي جفاءها، ولا أثر للدار فيه، تعلق ذلك بإيوائه معها في كل دار، وكذلك إذا حلف لا يلبس ثوبا من غزلها، إن كان سببه المنة عليه منها، فكيفما انتفع به، أو بثمنه حنث...انتهى.
وعليك أن تخبريها بذلك، فإن كان يترتب ضرر على ذلك؛ فقد بينا ما يجب فعله بالفتوى رقم: 190577.
والله أعلم.