السؤال
أنا قمت مع صديقتي بلعب تحليل الشخصية (اللون، لو كنت في موقف كذا أي الخيارات تختارين، أي الحيوانات تختارين، ألوان معينه ضعي بجانبها أسماء من تحبين، مثلا الأحمر تختارينه لمن، وهكذا، لو أن لديك طريقين هادئ ومظلم أيهما تختارين، أي الأشكال الهندسية تختارين) ثم نتائج التحليل: أنت مسالمة، أنت غيورة، مندفعة، تخافين من الموت، منظمة، وغير ذلك.
سؤالي: هل هذه الألعاب محرمة وتدخل في باب التنجيم أو الكهانة أو العرافة؟ وهل لا تقبل لي صلاة أربعين يوما؟ مع العلم أني أعلم أنها غير حقيقية ومجرد فلسفة، وأعلم أن علم الغيب بيد الله تعالى، ومع العلم بأني مصابة بالوسواس؛ حيث إني عند عودتي للمنزل تشهدت واغتسلت وتبت وندمت على فعلي، وبإذن الله لا أعود لمثل ذلك، ولكن حتى لو تبت مباشرة هل لا تقبل صلاتي أربعين يوما.
أفيدوني -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه الألعاب يختلط فيها ما سبيله الدجل والتكهن، وما سبيله الخرص واتباع الظن، مع ما يمكن أن يعتمد على دراسات علمية. كما هو الحال في أدوات تحليل الشخصية بصفة عامة، فإن منها ما هو شرك، ومنها ما هو علم، ومنها ما هو جهل، كما سبق أن أشرنا إليه في الفتوى رقم: 135793. وأحلنا فيها على مقال (أنواع تحليل الشخصية) للدكتورة فوز كردي. وهنا ننقل بعض كلامها في مقال آخر متعلق بالموضوع نفسه، حيث قالت: تقوم أكثر نماذج التحليل من هذا النوع -يعني الذي يتعلق بأمور باطنة- على روابط فلسفية وأسرار مدعاة مأخوذة من الكتب الدينية للوثنيات الشرقية وتنبؤات الكهان ودعاواهم، كخصائص الحروف، ومن ثم يكون من يبدأ اسمه بحرف كذا شخصيته كذا. أو خصائص الألوان، فمن يحب اللون كذا فهو كذا، أو أسماء الأبراج الصينية، فمن يحب الحيوان كذا فهو ميال إلى كذا، وغير ذلك، وأكثر هذه الأمور عند التدقيق فيها، تشمل أمورا صحيحة وأخرى خاطئة ممزوجين معا، لذا تشتبه على كثير ممن يلاحظون الصواب فيها فقط ... وختاما أؤكد أن كل ما نحتاجه لنعرف أنفسنا ونعرف الآخرين قد دل عليه النقل الصحيح أو العقل الصريح، وما دون ذلك فهو تزيين الشياطين وإغواؤهم وصرفهم لبني آدم عما ينفعهم، وتحليل الشخصية أو بعض سماتها بالمنهج العلمي الذي يقوم به المختصون يختلف عن هذا الهراء الباطل، فالتحليل الصحيح يعتمد على معطيات حقيقية وأسس سلوكية يستشف من خلالها بعض السمات العامة للشخصية، ويتضمن الدلالة على طريقة تعديل السيء منها وتعزيز الجيد، ومن ثم تغيير الشخصية للأفضل، أو ما نسميه التربية وتزكية النفس. اهـ.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين التاليتين: 182095، 130086.
وعلى ذلك؛ فلا يجوز استعمال هذه الألعاب إلا إذا كانت تقوم على أسس علمية في تحليل الشخصية.
وأما عدم قبول صلاة من يلعب بها: فهذا مبناه على واقع اللعبة وحقيقتها، ثم على اعتقاد اللاعب وتصوره لها؛ فإن كان يعتقد أنها نوع من الكهانة، ومارسها على هذا الأساس، فإنه يصدق عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. رواه مسلم. قال الخطابي في (معالم السنن): الكاهن هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب ويخبر الناس عن الكوائن، وكان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيرا من الأمور ... وكان منهم من يسمى عرافا وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها، كالشيء يسرق فيعرف المظنون به السرقة، وتتهم المرأة بالزنية فيعرف من صاحبها، ونحو ذلك من الأمور. ومنهم من كان يسمي المنجم كاهنا، فالحديث يشتمل على النهي عن إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم وتصديقهم على ما يدعونه من هذه الأمور. اهـ.
وأما إن كان لا يعتقد ذلك ويظنها قائمة على نوع من العلم أو الدراسات السلوكية: فلا تدخل في حقه في حكم الكهانة أصلا. وراجعي الفتوى رقم: 262510.
وعلى أية حال؛ فإن التوبة تنفع صاحبها، وقد سئل الشيخ/ عبد العزيز الراجحي عن حديث: "من أتى كاهنا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما" فهل يترك الصلاة أربعين يوما أم يصلي وتكون صلاته بدون أجر؟
فأجاب: لا يجوز للإنسان أن يترك الصلاة، بل عليه أن يصلي، لكن لا تقبل له صلاة من باب الوعيد، والمقصود أنه لا يثاب على صلاته أربعين يوما، لكن صلاته مجزئة، ولا بد من الصلاة، فيجب عليه أن يصلي، ولا أحد يقول: إنه لا يصلي، فيزيد الطين بلة، بل يؤمر بالتوبة والندم على ما مضى والاستغفار، وعدم الذهاب إلى الكهان، ويصلي ويتوب، ومن تاب تاب الله عليه. اهـ.
وأخيرا: فإننا نوصيك بمجاهدة نفسك للتخلص من آثار الوسوسة، ولا سيما في ما يتعلق بمسائل الإيمان والكفر، ونسأل الله تعالى أن يعافيك وأن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك. وراجعي للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 51601، 147101.
والله أعلم.