تفاضل الأعمال يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال

0 121

السؤال

أيهما أعلى في الثواب: تحفيظ القرآن، أم نشر العلم الشرعي، أم الكشف بالمجان؟ ليتكم ترتبون لي هذه الأعمال حسب الثواب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

ففي البداية نهنئك على الاهتمام بمثل هذا الموضوع, ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير, ثم إن أهل العلم قد اختلفوا في أفضل العبادات بعد الفرائض، فقيل العلم، وقيل الجهاد، وقيل الصلاة، ورأى شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أن هذا يتفاوت بتفاوت الأشخاص والأحوال، حيث قال في منهاج السنة: وهذه الثلاث ـ الصلاة، والعلم، والجهاد ـ هي أفضل الأعمال بإجماع الأمة، قال أحمد بن حنبل: أفضل ما تطوع به الإنسان الجهاد، وقال الشافعي: أفضل ما تطوع به الصلاة، وقال أبو حنيفة ومالك: العلم، والتحقيق أن كلا من الثلاثة لابد له من الآخرين، وقد يكون هذا أفضل في حال، وهذا أفضل في حال، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يفعلون هذا، وهذا، وهذا، كل في موضعه بحسب الحاجة والمصلحة. انتهى.

وقال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: وأما ما سألت عنه من أفضل الأعمال بعد الفرائض: فإنه يختلف باختلاف الناس فيما يقدرون عليه وما يناسب أوقاتهم، فلا يمكن فيه جواب جامع مفصل لكل أحد، لكن مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره: أن ملازمة ذكر الله دائما هو أفضل ما شغل العبد به نفسه في الجملة. انتهى.

وبناء على ذلك, فإن التفاضل بين الأعمال التي ذكرتها, وترتيبها حسب الأفضل ليس فيه جواب ثابت, بل يكون التفاضل هنا بحسب الأوقات، وبحسب العامل نفسه, فقد يكون تحفيظ القرآن أو نشر العلم أفضل في حالات, كما قد يكون الكشف على المرضى أفضل في حالة معينة، وهكذا بقية العبادات من غير الفرائض، وكلما جمع المسلم في العبادة الواحدة بين نيات متعددة كان أعظم لأجره، جاء في إحياء علوم الدين للغزالي: الطاعات وهي مرتبطة بالنيات في أصل صحتها وفي تضاعف فضلها، أما الأصل: فهو أن ينوي بها عبادة الله تعالى لا غير، فإن نوى الرياء صارت معصية، وأما تضاعف الفضل فبكثرة النيات الحسنة، فإن الطاعة الواحدة يمكن أن ينوي بها خيرات كثيرة فيكون له بكل نية ثواب، إذ كل واحدة منها حسنة، ثم تضاعف كل حسنة عشر أمثالها كما ورد به الخبر... فهذا طريق تكثير النيات، وقس به سائر الطاعات والمباحات، إذ ما من طاعة إلا وتحتمل نيات كثيرة، وإنما تحضر في قلب العبد المؤمن بقدر جده في طلب الخير وتشمره له وتفكر فيه، فبهذا تزكو الأعمال وتتضاعف الحسنات. اهـ بتصرف.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 102104.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات