ما المقصود بعبارة: "اجتماع الهمّ من أسباب علو الهمة في تحصيل العلم" ؟

0 111

السؤال

سؤال بخصوص الرقائق: ورد في حلية الأولياء في ترجمة علي بن الحسن رقم: 504 أن اجتماع الهم يفتح باب عبادة التفكر، وقرأت في كتاب علو الهمة للشيخ المقدم أن اجتماع الهم من أسباب علو الهمة في تحصيل العلم، والسؤال هو: هل المقصود بجمع الهم هنا الزهد في الدنيا، أم مجرد قوة التركيز، وحصر الذهن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فجمع الهم معناه صرف جميع الشواغل عن القلب، والإقبال به على مقصود واحد، بحيث لا يتفرق في أكثر من شأن، فيتشتت عليه أمره، بل يجعل الهموم كلها هما واحدا، وهو الله تعالى، ومرضاته، والفكرة فيما ينفعه في معاده، وهو إذا فعل هذا كفاه الله ما أهمه من الأمور الأخرى، وكلمات أهل السلوك تدور على ما ذكرناه، قال في التعرف لمذهب أهل التصوف: أول الجمع جمع الهمة وهو أن تكون الهموم كلها هما واحدا، وفي الحديث من جعل الهموم هما واحدا -هم المعاد- كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم لم يبال الله في أي أوديتها هلك، وهذه حال المجاهدة، والرياضة، والجمع الذي يعنيه أهله هو أن يصير ذلك حالا له، وهو أن لا تتفرق همومه، فيجمعها تكلف العبد، بل تجتمع الهموم فتصير بشهود الجامع لها هما واحدا، ويحصل الجمع إذا كان بالله وحده دون غيره. انتهى.

وبين ابن القيم معنى جمع الهم وأقسامه، فقال: الجمع الذي يحصل لمن قام بذلك: هو جمع الرسل وخلفائهم، وهو جمع الهمة على الله سبحانه؛ محبة، وإنابة، وتوكلا، وخوفا، ورجاء، ومراقبة، وجمع الهمة على تنفيذ أوامر الله في الخلق دعوة، وجهادا، فهما جمعان: جمع القلب على المعبود وحده، وجمع الهم له على محض عبوديته، فإن قلت: فأين شاهد هذين الجمعين؟ قلت: في القرآن كله، فخذه من فاتحة الكتاب في قوله: {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5]. إلى آخر كلامه النفيس -رحمه الله-.

فجمع الهم إذا هو تفريغه من الشواغل، والإقبال به على المقصود الأعظم، فلا يزاحم هذا المقصود، والفكرة فيه في قلب العبد شيء -نسأل الله أن يجمع همتنا عليه وحده-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات