السؤال
بارك الله فيكم على هذا الموقع، وبارك في القائمين عليه. أنا فتاة أصبت بالوسواس، لكنني ـ والحمد الله ـ تغلبت على جزء كبير منه، وأصبح ما يشغلني هو أنه يجب أن أنصح كي يستجاب دعائي، ويرضى الله عني، وهذا يتعبني كثيرا، ويثبط من عزيمتي؛ لأنني في بيئة غير ملتزمة من ناحية اللبس، وسماع الموسيقى، ومشاهدة الأفلام، وغيرها ـ هداهم الله ـ وقد قمت مرارا بالنصح، فاستجاب البعض، فهل علي التكرار ليستجاب لي الدعاء، ولا آثم على ذلك؟ فأنا في السعودية، وعندما أذهب إلى السوق أجد الكثيرات لا يلتزمن بالحجاب الشرعي الكامل، وخاصة القفازات، وهذا تقريبا الأغلب، فهل علي نصح كل واحدة؟ أم أكتفي بأنه لا توجد مدرسة لم تبين الحجاب مع وجود الهيئة، وذلك يرفع عني التكليف، فقد أصبح ذلك هو شغلي الشاغل، وإذا لم أقم بالنصح فإنني لا أقوم بالدعاء بشكل جيد، وكأن أحدا يقول لي: فعلت مانعا، وتريدين الإجابة، وما هي الطريقة الأنسب؟ وهل أعتزل في الغرفة، ولا أخرج إلا في صباح العيد حيث يسهل نصح أقاربي؟ أم ماذا؟ أتمنى أن تدعوا لي أن يرزقني الله البيئة الصالحة، والزوج الصالح -جزاكم الله خير الجزاء-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على القيام بالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه علامة خير فيك، ودليل إيمان ـ إن شاء الله ـ .
ولا شك في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر ضروري، وله أهميته في المجتمع، والحفاظ على كيانه؛ ولذا جاءت نصوص الشرع آمرة به، وحاثة عليه، ومبينة فضله، وقد ذكرنا جملة منها في الفتوى رقم: 9358.
وراجعي الفتوى رقم: 248848، ففيها ما يهون على المؤمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويرغبه فيه.
ونوصيك بحسن الظن بالله، وأنه لا يضيع أجر من أحسن عملا، والحرج في الدين مرفوع، وقد قال تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج {الحج: 78}، وقال تعالى: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون {المائدة: 6}.
ويمكنك أن تقتني شيئا من الرسائل، أو المطويات التي تعالج المنكرات الموجودة، وتعطيها لصاحبة المنكر، فليس في ذلك كبير مشقة، ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منوط بالقدرة، وتراعى فيه المصالح والمفاسد، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 242860.
وتكرار النصيحة من عدمه يختلف الحكم فيه باختلاف الأشخاص، والأحوال، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 119075.
ولا تقصري في الدعاء، حتى وإن قصرت في النهي عن المنكر، فنفس الدعاء عبادة, لقوله تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}، وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح: الدعاء هو العبادة، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة ـ في فضل الدعاء، عن هلال بن يساف، قال: بلغني أن المسلم إذا دعا فلم يستجب له كتبت له حسنة.
والله أعلم.