السؤال
تقدم لي شاب للزواج من بلد عربي، وأنا من بلد عربي آخر، وهو ذو أخلاق عالية، ودينه لا غبار عليه، ولكن أبي وأمي رفضا بسبب اختلاف البلدان، رغم أنه قدم كل الضمانات من بيت وشغل وإقامة بهذا البلد.
أنا راضية بالزواج منه، وموافقة، وأريد أن أعرف هل يأثم أهلي على ذلك أم لا؟
وكذلك أريد معرفة إذا تزوجته من غير رضاهم، هل أنا آثمة أم لا؟ علما بأنني متمسكة به، وموافقة عليه، وأنا في حيرة من أمري.
أرجوكم، ساعدوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يصح زواج المرأة بدون إذن وليها، وهذا قول جمهور العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. رواه الترمذي.
فإن منعها وليها من الزواج ممن تريد، وكان كفئا لها بغير عذر شرعي، انتقلت الولاية إلى الذي يليه، فتنتقل من الأب إلى الجد مثلا، فإن منعها الأولياء كلهم بغير عذر شرعي، فإن السلطان يكون وليها، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة: والسلطان ولي من لا ولي له. وقوله صلى الله عليه وسلم: فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له. رواهما أحمد.
والسلطان هو الحاكم الشرعي، أو من يقوم مقامه وينوب عنه كالقاضي الشرعي.
وأهم الشروط والمواصفات الشرعية التي ينبغي اعتبارها في الزوج: الدين، كما قال صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. أخرجه الترمذي.
وليس في كون الخاطب من بلد يختلف عن بلد المرأة ما يوجب رفضه.
فالواجب على الوالد -وفقه الله- أن يزوج هذا الخاطب ما دام قد تأكد أنه ممن يرضى خلقه ودينه وهو كفء لابنته، وهي ترغب في الزواج منه، فإن لم يفعل فإنه يكون عاضلا، قال ابن قدامة: ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه.
وقد نهى الله الأولياء عن ذلك بقوله: ..فلا تعضلوهن.. [البقرة: 222]، فلا يحل للولي أن يعضل موليته، فإن أصر على العضل سقطت ولايته، وانتقلت إلى من يليه من الأولياء، فإن عضلوا جميعا انتقلت إلى القاضي كما تقدم.
والمفاسد التي تترتب على حرمان المرأة من الزواج بالكفء الذي تختاره لا يعلمها إلا الله، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتقدم: ... إلا تفلعوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. فليتق الله الأولياء، ولا يكونوا سببا في هذا الفساد.
والله أعلم.