السؤال
قمت باتباع نصحكم وإرشادكم، ولكن للأسف لم تلتزم زوجتي بما أمرتها وخرجت للعرس رغم معارضتي، فما هو الواجب علي فعله الآن بعدما تهاونت في طاعة ربها واستصغرتني دون أي اعتبار؟ وكيف أتصرف معها حتى لا يتكرر هذا الأمر؟ فكما تعلمون فقد ابتلينا في مصر بعادات وأمور فيها الكثير من الأخطاء والمعاصي، ومنها الأعراس، وقد امتنعت منذ فترة طويلة عن حضور تلك الأعراس المخالفة لديننا ومنهجنا وهو ما أحاول أن أرسخه في أهل بيتي، والمشكلة الآن في عرس سيقام بعد عيد الفطر القادم لبنت أخي زوجتي ـ وزوجتي في الأصل هي بنت خالتي ـ وللأسف كعادة أعراس العائلة فهي لا تخلو من الاختلاط والرقص وكشف العورات، وزوجتي تصر على حضور العرس رغما عني خاصة أنني سأكون في دولة قطر في تلك الفترة، واصطحاب أولادي بحجة أن العروس هي وحيدة أخيها ولها علاقة خاصة بها كعمة، فما الذي يجب علي فعله قبل العرس، خاصة أنني أنصحها وأحذرها دائما أن تتقي الله في نفسها وفي زوجها وأولادها دون فائدة؟ وما الذي يجب علي فعله بعد العرس إن ذهبت وعصتني؟.
ملحوظة: علاقتي بزوجتي طيبة جدا، وتتفهم مبدأنا كمسلمين، وقد التزمت معي بعدم حضور الكثير من المناسبات لنفس السبب، إلا أنها تريد استثناء في هذه الحالة فقط..... الإجابــة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فما تفعله من ترك حضور تلك الأعراس المشتملة على المنكرات هو الصواب الواجب عليك، فاثبت على ما أنت عليه من الحق، ولا يثنينك عن ذلك كون عامة الناس مخالفين لك، فإن هذه هي الضريبة التي يدفعها من أراد أن يعيش غريبا في زمن غربة كثير من مفاهيم الدين بين الناس، وأما زوجتك: فاستمر في مناصحتها وتذكيرها الله تعالى وعقابه، وبين لها أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وحذرها سخط الله، وأنه قد يطلع عليها وهي على تلك الحال في هذا المكان فيمقتها فتشقى في الدنيا والآخرة، وأن الموت قد يأتيها وهي على تلك الحال فتسوء خاتمتها ـ عياذا بالله ـ وأنها لو كانت تحب ابنة أخيها حقا فلتنصحها بترك عمل ذلك العرس على ذلك النحو، ولتقدم مرضاة الله على هوى نفسها، ولتؤثر ما يحبه على ما تحبه هي، ففي ذلك سعادة الدنيا والآخرة، قال تعالى: وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى {النازعات: 41،40} فإن استجابت لك ونظنها تستجيب ـ إن شاء الله ـ فالحمد لله، وإن أبت وأصرت على الحضور فاستعمل معها الشدة والزجر والهجر ونحوه من الوسائل الرادعة، لعلها تنكف عن هذا المنكر، ثم إن حضرت هذا العرس مع هذا كله فذكرها التوبة النصوح إلى الله تعالى، وأعلمها قبح ما فعلت، وأنها عرضت نفسها لغضب من لا يقوم لغضبه شيء، وعليك أن تبين لها أن حياة المسلم ومماته وكل حالاته لا بد أن تكون مستغرقة بطاعة الله تعالى لا يستثنى من ذلك حال، كما قال تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين {الأنعام:162} والواجب على كل مسلم أن يلزم شرع الله ويحكمه في القليل والكثير، ولا يخرج عما يقتضيه الشرع مهما كانت غلبات الهوى، كما قال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {النساء:65} وفقنا الله جميعا لما فيه رضاه.
والله أعلم.