السؤال
يا شيخ -بارك الله فيك-، منذ أن بلغت تقريبا -في سن 14 أو 15- وإلى سن 31 عاما وأنا أصلي لكن بشكل متقطع، أحيانا تكاسلا، وأحيانا عمدا، والحمد لله تبت، وبدأت في المحافظة على الصلاة، والإكثار من النوافل، فهل التوبة تكفي عن الصلوات التي مضت أم لا بد أن أقضيها؟ وأنا لا أذكر عدد الصلوات التي تركتها.
من خلال بحثي في موقعكم، والمواقع الأخرى كان الحديث عن الذي لم يصل قط ثم تاب؛ بين قول ابن باز بأنه كافر ولا يقضي؛ لأن الإسلام يجب ما قبله، وبين أنه يقضي، ويصلي صلاة يومين أقل شيء، وبين لا يقضي، وعليه أن يكثر من النوافل.
أما وضعي أنا فقد كنت أصلي وأقطع، وسأشرح لكم بالتفصيل كيف أصلي وأقطع، مثلا: صليت الظهر ثم نمت، واستيقظت العشاء، فأقوم وأصلي العشاء، وأقضي المغرب، والعصر أتركها أحيانا تكاسلا، وأحيانا عمدا، وما دمت مستيقظا أصلي، أما لو نمت فأصلي آخر صلاة، والتي قبلها، وأحيانا أترك الباقي، فهل علي قضاء أم إن التوبة تجب ما قبلها؟
وفي حالة أنه علي قضاء ما فات رغم أني أراه شاقا جدا، وخاصة أن صحتي ليست جيدة، فهل معنى صلاة يومين بهذا الشكل، مثلا في الصبح أقيم صلاة الفجر ثم أصليها، ثم أقيم صلاة الظهر ثم أصليها، هكذا حتى أنتهي من كل الصلوات بالترتيب دون أذان أم إن الأذان أيضا ضروري؟ وهل أفعل نفس الطريقة حتى لو في الليل، وتكون هكذا صلاة يومين.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة، أو المتهاون بها مع الإقرار بوجوبها على خطر عظيم لتواتر نصوص الكتاب، والسنة الآمرة بإقامتها، والحض عليها، والتحذير من الإخلال بها، وذم من تركها، أو تهاون في أمرها، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمى الصلاة عمود الإسلام الذي إن أقامه العبد فقد أقام الإسلام، وإن هدمه هدم الإسلام، كما ثبت في سنن الترمذي من حديث معاذ بن جبل المشهور أنه صلى الله عليه وسلم قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة. رواه الترمذي، وصححه.
وعليه؛ فيجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من تقصيرك، وتهاونك في شأن الصلاة سابقا، وأن تحذر من تكرار ذلك مجددا.
ثم اعلم أن الراجح عندنا أن تارك الصلاة كسلا لا يخرج بتركه لها عن الملة، وانظر الفتوى رقم: 130853، والفتوى رقم: 128781.
ومن ثم؛ فعليك أن تقضي ما تعمدت إضاعته من الصلوات في قول الجمهور، ويكون ذلك حسب طاقتك بما لا يضر ببدنك، أو معاشك؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فتقضي ما تقدر على قضائه حتى تؤدي ما عليك من فوائت، وإذا كنت لا تعلم عدد ما عليك منها، فإنك تقضي ما يغلب على ظنك أنه قدر عدد ما عليك من الفوائت، وراجع الفتوى رقم: 70806.
ويستحب لمن يقضي عددا من الفوائت أن يؤذن للصلاة الأولى ويقيم لبقية الصلوات، كما سبق في الفتوى رقم: 195553.
وأما مسألة صلاة يومين في يوم، وكون من فعل ذلك لا يعد مفرطا، فهو قول لبعض المالكية، وهو ضعيف، كما صرح به فقهاء المالكية أنفسهم؛ جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: وقول من قال: يخرج من الحرمة، ولا يعد مفرطا بصلاة يومين في كل يوم، ضعيف. اهـ.
ومن ثم؛ فالمعول عليه هو ما تقدم من أنه يجب عليك القضاء حسب طاقتك بما لا يضر ببدنك، أو بمعيشة تحتاجها.
وفي وجوب ترتيب الفوائت الكثيرة خلاف بيناه في الفتوى رقم: 96811.
والله أعلم.