السؤال
هل هذان الحديثان صحيحان: الحديث الأول: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: "رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق، فلم يطلقها، وقد جعل الله له الطلاق طريقا للخلاص منها"، فلما لم يطلقها إذن لا يستجاب دعاؤه، ورجل كان له على رجل مال، فلم يشهد عليه؛ لأن الله أمره أن يكتب هذا الدين، فلما تهاون بالكتابة أكل ماله، إذن هذا الإنسان لا يستجاب دعاؤه؛ لأنه قصر في تطبيق منهج الله عز وجل، ورجل آتى سفيها ماله، وقد قال الله عز وجل: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم؟
الحديث الثاني: من صبر على سوء خلق زوجته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطى نبيه أيوب عليه السلام؟.
وإذا كان هذا الحديثان صحيحين فكيف نوفق بينهما؟
لأنني أعرف شخصا زوجته سيئة الخلق، وقد تكون مريضة نفسيا، وتعذبه كثيرا بتعاملها معه، وعدم موافقتها له، ومع ذلك يصبر عليها، ويحتسب الأجر عند الله, فهل هو مصيب في هذه الحالة عملا بالحديث الثاني؟ أم عليه أن يطلقها عملا بالحديث الأول؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث الأول رواه الحاكم، وصححه على شرط الشيخين، وصححه الألباني، ونصه: ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق، فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال، فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيها ماله، وقال الله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم {النساء: 5}.
وقد ضعف الحديث بعض أهل العلم.
وأما الحديث الثاني؛ فقد ذكره الغزالي في الإحياء بلفظ: من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطي أيوب على بلائه، ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية امرأة فرعون.
قال العراقي في تخريجه: لا أصل له بهذا التمام. ونقل ذلك الألباني في الضعيفة، ثم قال: وأقول: قد وجدت للشطر الأول منه أصلا، ولكنه موضوع. انتهى.
وعليه؛ فلا حاجة للتوفيق بينهما, ثم اعلم أنه ليس المقصود من الحديث الأول ألا يستجاب دعاؤه مطلقا، بل دعاؤه عليها، قال المناوي في التيسير: ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم، رجل كان تحته امرأة سيئة الخلق) بضمتين (فلم يطلقها) فإذا دعا الله تعالى عليها لا يستجاب له؛ لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها. انتهى.
أيضا لا يدل الحديث على أنه مأمور بطلاقها، بل يطلب منه الصبر عليها؛ ولذا جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضى منها آخر.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: أي ينبغي أن لا يبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا، بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. اهـ.
وعليه؛ فما يفعله صاحبك من الصبر على هذه المرأة من حسن خلقه، ونرجو له الأجر.
والله أعلم.