السؤال
زوجي عمله متنقّل بين المحافظات، ومنذ زواجنا وأنا أتنقّل معه، وحتى بعد أن رزقنا الله بطفل. ولكن مع اقتراب سنّ المدرسة لابننا، أصبح من الضروري أن أستقر أنا وابني في محافظةٍ واحدة.
وأمامي خياران:
الأول: أن أعود إلى بيتنا في محافظتنا، وهو شقّة في نفس العمارة التي يسكن فيها والدي ووالدتي. لكن المشكلة في هذا الخيار أن والديّ يختلفان كثيرًا، ويتبادلان السباب أمامي وأمام أخي منذ صغرنا، وهذا الأمر آذاني نفسيًّا طوال حياتي، ولا أريده أن يؤذي ابني كما آذاني، ولا أن يؤذيني من جديد حين أراه يتكرّر أمام ابني.
الثاني: أن نستقر في القاهرة، لأنها أقرب إلى معظم الأماكن والمحافظات التي يعمل بها زوجي. لكن والدتي كثيرًا ما تحدّثني عن شعورها بالوحدة، وتتمنّى أن أستقرّ معها، وتقول إنّ الهدف من هذا البيت هو أن نكون سويًّا. وأنا أشعر بالتقصير تجاهها، خصوصًا وأخي أيضًا مسافر، وأخشى أن أكون عاقّة إن اخترت هذا الخيار، رغم أنني أتواصل معها يوميًّا عبر مكالمات فيديو. فما الحل الذي يرضي الله بين هذين الخيارين؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك الصواب، ويهديك لأرشد أمرك.
واعلمي أنّ الأصل أن تقيم الزوجة حيث يقيم زوجها، وليس لها الامتناع من الانتقال معه حيث شاء؛ بشرط أن يوفر لها مسكنًا مستقلاً مناسبًا، تأمن فيه على نفسها، ولا تتعرض فيه لضرر، لكن لا مانع من التفاهم والتشاور بينهما في اختيار موضع السكن. وراجعي الفتوى: 174713.
وعليه؛ فإن أراد زوجك منك الإقامة في موضع لا ضرر عليك فيه؛ فالواجب عليك طاعته، فطاعته في المعروف واجبة عليك، وحقه مقدم على حقّ غيره عند التعارض.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وأمّا إذا جعل لك زوجك الخيار في الإقامة في بيت أمّك، أو الإقامة في القاهرة؛ فينبغي أن تتشاورا وتختارا ما فيه المصلحة الكبرى.
والذي يظهر لنا من سؤالك؛ أنّ المفاسد في إقامتك في بيت أهلك يعسر تجنبها، والمصالح التي فيها يمكن تحصيلها أو بعضها مع الإقامة في القاهرة، وذلك بمداومة برّ الأمّ، والاتصال بها، وتكرار زيارتها حسب الاستطاعة.
والله أعلم.