السؤال
بالنسبة للمأموم، متى ينتقل من القيام للركوع مثلا، أو العكس: هل بعد انتهاء الإمام من التكبير، أو بعد أن يطمئن قائما، أو راكعا، أو جالسا؟
فمثلا بعض الأئمة يطمئن قائما بعد رفعه من الركوع، ولكن لم ينته من قوله سمع الله لمن حمده. فهل يرفع المأموم بعد انتهائه، أو بعد اطمئنانه قائما، حتى لو لم ينته من التكبير؟
وكذا في جميع الانتقالات؟
وبالنسبة للسلام: هل يصح التسليم بعد سلامه الأول، أم لا بد من إنهاء السلامين؟
وكذا المسبوق هل يصح قيامه بعد انتهاء الإمام من التسليم الأول، أم لا بد من السلامين؟ وهل يتلفظ بالتكبير في قيامه؟
وجزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمشروع للمأموم أن يأتي بالانتقال عقب انتقال الإمام مباشرة، فإذا استقر الإمام ساجدا، شرع المأموم في الهوي للسجود، وإذا استوى قائما، شرع المأموم في القيام، وهكذا.
وفي حديث البراء المتفق عليه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده، لم يحن أحد منا ظهره، حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا، ثم نقع سجودا بعده.
قال العيني: ومعنى الحديث: أن المأموم يشرع بعد شروع الإمام في الركن، وقبل فراغه منه، حتى توجد المتابعة، ووقع في حديث عمرو بن سليم أخرجه مسلم: (فكان لا يحني أحد منا ظهره حتى يستقيم ساجدا) . وروى أبو يعلى من حديث أنس: (حتى يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من السجود) ، ومعنى هذا كله ظاهر في أن المأموم يشرع في الركن، بعد شروع الإمام فيه، وقبل فراغه منه. انتهى.
ثم المشروع للإمام، أن يكبر في أثناء انتقاله، فإذا خالف السنة وكبر قبل الانتقال، لم يخر المأموم ساجدا حتى يراه سجد، وإذا خالف السنة وكبر بعد استقراره ساجدا، فللمأموم أن يسجد قبل سماع تكبيره، ما دام قد رآه استقر ساجدا، وليس في ذلك مخالفة للإمام، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 108167.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الضابط -يعني في متابعة الإمام- أن يتم الفعل؛ لأن التكبير علامة عليه، ودليل عليه, أشاهد الإمام، فإذا قال: الله أكبر وهو قائم، قبل أن يصل إلى الأرض, وأنا أراه أنه لم يصل إلى الأرض، فلا أسجد؛ لقول البراء بن عازب: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد، لا يحني أحد منا ظهره، حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا، ثم نقع سجودا بعده. انتهى.
فهذا عن سؤالك الأول.
وأما تسليم المأموم: فعند من يرى ركنية التسليمتين، فإنه يسلم بعد فراغه منهما، وله أن يسلم الأولى، بعد فراغه من الأولى، والثانية بعد فراغه من الثانية، وأما من يرى أن الثانية سنة، فيجوز عنده أن يسلم المأموم بعد فراغ الإمام من التسليمة الأولى، وإن كان الأفضل ألا يسلم إلا بعد فراغه من التسليمتين.
قال في الإنصاف: قال ابن رجب في شرح البخاري: الأولى أن يسلم المأموم عقيب فراغ الإمام من التسليمتين، فإن سلم بعد الأولى، جاز عند من يقول إن الثانية غير واجبة، ولم يجز عند من يرى أن الثانية واجبة، لا يخرج من الصلاة بدونها. انتهى. وظاهره مشكل، ولعله أراد: أن الأولى سلام المأموم عقيب فراغ الإمام من كل تسليمة، وأنه إن سلم المأموم الثانية بعد سلام الإمام الأولى، وقبل الثانية، ترتب الحكم الذي ذكره. انتهى.
وأما قيام المسبوق: فإنه لا يجوز له القيام إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين، عند من يرى ركنية التسليمة الثانية، وهو قول الحنابلة، وأما من يرى سنية التسليمة الثانية، فلا حرج عنده في قيام المسبوق، قبل إتيان الإمام بها، وإن كان خلاف الأولى، وانظر الفتوى رقم: 133552.
وأما تكبير المسبوق إذا قام: فمن العلماء من قال يكبر إذا قام لقضاء ما عليه مطلقا، ومنهم من فصل فقال: يكبر إذا كان جلوسه مع الإمام موضع جلوسه لو كان منفردا.
جاء في السراج الوهاج من كتب الشافعية: وإذا سلم الإمام، قام المسبوق مكبرا ندبا، إن كان جلوسه مع الإمام موضع جلوسه لو كان منفردا، بأن أدركه في ثانية المغرب، أو ثالثة الرباعية، وإلا: أي وإن لم يكن جلوسه كما ذكرنا، فلا يكبر عند قيامه، كأن أدركه في ثالثة المغرب، أو ثانية الرباعية في الأصح، ومقابله يكبر مطلقا. انتهى.
والله أعلم.