مَن عليه ديون ولا يستطيع العمل النظامي في بلاد الكفار

0 105

السؤال

أنا في ألمانيا، وعلي ديون أريد سدادها، ولا أستطيع العمل في عمل نظامي، فهل يجوز أن أعمل عملا غير نظامي ـ الأسود ـ لمدة معينة لأسدد ديوني كلها، مع العلم أنني يوميا تقريبا أقرأ دعاء قضاء الدين: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمسلم مطالب شرعا باحترام قوانين تلك البلاد التي يقيم بها، ما لم تخالف تلك القوانين شريعة الإسلام، وقد بينا في فتاوى كثيرة أنه على المسلمين عموما، وعلى من يمثلونهم في تلك الدول خصوصا أن يكونوا نماذج طيبة للمسلم الصادق الوعد الذي لا يخون، ولا يغدر، ولا يغش، وأن يمتثلوا أمر ربهم القائل في كتابه العزيز: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون {المؤمنون: 8}، وقوله تعالى: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها {النحل: 91}.

وأن يقدموا صورة حسنة عن الإسلام، وأخلاقه، ويحذروا من خلاف ذلك؛ لئلا يكونوا فتنة للناس، فيصدونهم عن الدين، ويبغضونه إليهم، وليقرؤوا قول الله سبحانه في كتابه: ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم {الممتحنة:5}، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 74275.

وعليه؛ فما دمت ممنوعا من العمل، ولا تجد وفاء لدينك، فلا حرج عليك، لكن اعزم النية على سداده متى ما وجدت وفاء، وسيعينك الله، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.

ولا تنس أن تدعو بدعاء قضاء الدين، حيث روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون، يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك، وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، وأعوذ بك من العجز، والكسل، وأعوذ بك من الجبن، والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي، وقضى عني ديني.

والدعاء الذي ذكرته في سؤالك هو ما رواه الترمذي، وحسنه، عن أبي وائل عن علي -رضي الله عنه-: أن مكاتبا جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل صبر دينا أداه الله عنك؟ قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.

نسأل الله أن يقضي دينك، وأن يصلح حالك، وأن يجعل لك من همك فرجا، ومن ضيقك مخرجا، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى