بريد المعاصي: النفس والشيطان

0 91

السؤال

هل كل ما يقوم به الإنسان من الذنوب والمعاصي تكون بسبب الشيطان؟ أم منها ما يكون بسبب شر النفس وليس للشيطان تدخل بها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فللذنوب والمعاصي أسباب منها: النفس والشيطان, وقد قال تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم {يوسف:53}. قال السعدي: {إن النفس لأمارة بالسوء} أي: الكثيرة الأمر لصاحبها بالسوء، أي: الفاحشة، وسائر الذنوب، فإنها مركب الشيطان، ومنها يدخل على الإنسان. {إلا ما رحم ربي} فنجاه من نفسه الأمارة، حتى صارت نفسه مطمئنة إلى ربها، منقادة لداعي الهدى، متعاصية عن داعي الردى، فذلك ليس من النفس، بل من فضل الله ورحمته بعبده. انتهى.

وجاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر: فإن قيل: كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا، فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك؟ فالجواب: أنها إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه، أو المصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم، كما تقدم في بعض الروايات، أو المقصود تقليل الشرور فيه، وهذا أمر محسوس، فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره، إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية، لأن لذلك أسبابا غير الشياطين؛ كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية. انتهى.

وعلى كل حال؛ فالواجب على المسلم أن يتقي الله، ويحذر من معاصيه كلها أيا كان سببها؛ قال تعالى: {يا عباد فاتقون} [الزمر: 16]. وليحذر غاية الحذر من عدوه اللدود الشيطان الذي قد يدخل عليه من باب النفس وما تشتهيه، فيجتمع على العبد النفس والشيطان؛ قال الدكتور/ عمر الأشقر في (عالم الجن والشياطين): وقد أطال القرآن في تحذيرنا من الشيطان لعظم فتنته، ومهارته في الإضلال، ودأبه وحرصه على ذلك: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان) [الأعراف: 27]. وقال: (إن الشيطان لكم عد فاتخذوه عدوا) [فاطر: 6]، وقال: (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا) [النساء: 119]. وعداوة الشيطان لا تحول ولا تزول؛ لأنه يرى أن طرده ولعنه وإخراجه من الجنة كان بسبب أبينا آدم، فلا بد أن ينتقم من آدم وذريته من بعده: (قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا) [الإسراء: 62]. وأرباب السلوك اعتنوا بذكر النفس وعيوبها وآفاتها، ولكنهم قصروا في التعرف على عدوهم اللدود. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات