السؤال
هناك شخص في بلدنا قد وضع قاعدة جديدة والتي لم نسمعها عن المشايخ الفضلاء في الدول الإسلامية، ألا وهي تقسيم الذنوب على ثلاث مراتب، الأولى هي الشرك والثانية هي البدع والثالثة هي الكبائر، وقال إن الأولى أشد خطرا من الثانية والثانية أكبر خطرا من الثالثة حتى كأنه يرى أن الله لا يقبل أعمال من وقع في بدعة، فهل هذا التقسيم صحيح؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالترتيب المذكور صحيح، فالشرك هو أقبح ذنب عصي الله تعالى به، ويليه في القبح البدعة، ثم الكبيرة، ثم تأتي بعد ذلك الصغيرة، قال ابن القيم في بدائع الفوائد في معرض حديثه عن شر الشيطان: ولا يمكن حصر أجناس شره فضلا عن آحادها إذ كل شر في العالم فهو السبب فيه، ولكن ينحصر شره في ستة أجناس لا يزال بابن آدم حتى ينال منه واحدا منها أو أكثر، الشر الأول شر الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله، فإذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينه واستراح من تعبه معه، وهو أول ما يريد من العبد، فلا يزال به حتى يناله منه، فإذا نال ذلك صيره من جنده وعسكره واستنابه على أمثاله وأشكاله فصار من دعاة إبليس ونوابه، فإذا يئس منه من ذلك وكان ممن سبق له الإسلام في بطن أمه نقله إلى المرتبة الثانية من الشر وهي البدعة وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي؛ لأن ضررها في نفس الدين، وهو ضرر متعد وهي ذنب لا يتاب منه، وهي مخالفة لدعوة الرسل ودعوة إلى خلاف ما جاءوا به وهي باب الكفر والشرك، فإذا نال منه البدعة وجعله من أهلها بقي أيضا نائبه وداعيا من دعاته، فإن أعجزه من هذه المرتبة وكان العبد ممن سبقت له من الله موهبة السنة ومعاداة أهل البدع والضلال نقله إلى المرتبة الثالثة من الشر وهي الكبائر على اختلاف أنواعها فهو أشد حرصا...".
إلى أن قال: فإن عجز الشيطان عن هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الرابعة وهي الصغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها. انتهى .
وهذا النقل يبين صحة التقسيم، وأن جنس البدع أخطر من جنس المعاصي، ولا يعني ذلك أن كل بدعة أكبر من كل كبيرة، وانظر الفتوى رقم: 308533.
وأما مسألة توبة المبتدع، فقد استوفيناها بالفتوى رقم: 228295.
والله أعلم.