السؤال
حديث البخاري: ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، فأيما شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل ـ فهل هذا الأمر على عمومه أم له ضوابط؟ أم خاص بالولاء لمن أعتق؟ فنحن نعلم أن كل شرط في المعاملات أحل حراما أو حرم حلالا، فهو باطل، أما غير ذلك فلك أن تشترط ما شئت في العقود. وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم وضعوا ضوابط للاشتراط في المعاملات، واشترطوا لصحتها ألا يخالف الشرط مقتضى العقد؛ لئلا يعود على غرضه بالنقض، وألا يخالف الشرع، وهذا عام في جميع المعاملات، وليس خاصا بمسألة الولاء، فقد قال ابن حجر: قال القرطبي -رحمه الله-: يعني أن الشروط غير المشروعة باطلة، ولو كثرت. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: من اشترط في الوقف، أو العتق، أو الهبة، أو البيع، أو النكاح، أو الإجارة، أو النذر، أو غير ذلك شروطا تخالف ما كتبه الله على عباده، بحيث تتضمن تلك الشروط الأمر بما نهى الله عنه، أو النهي عما أمر به، أو تحليل ما حرمه، أو تحريم ما حلله، فهذه الشروط باطلة باتفاق المسلمين في جميع العقود. انتهى.
ويدل لصحة الشرط الذي لم يخالف الشرع، ولا مقتضى العقد عموم الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود، وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.
فإن خالفهما، فهو شرط باطل للحديث الذي ذكرت، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: الأصل في الشروط الصحة، واللزوم إلا ما دل الدليل على خلافه، فإن الكتاب، والسنة قد دلا على الوفاء بالعقود، والعهود، وذم الغدر، والنكث، ولكن إذا لم يكن المشروط مخالفا لكتاب الله، وشرطه، فإذا كان المشروط مخالفا لكتاب الله، وشرطه كان الشرط باطلا. انتهى.
وقد اختلف أهل العلم في حكم البيع إذا كان مصحوبا بشرط ينافي مقتضى العقد، هل يبطل البيع بذلك؟ أم يصح البيع ويبطل الشرط، وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 49776.
والله أعلم.