الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام بيع السلعة بسعر أعلى من السعر المحدد على غلافها

السؤال

ما حكم بيع الكتب بسعر أعلى من السعر المحدد على غلافها؟ بحيث يتم طمس السعر الأصلي ووضع ملصق بسعر أعلى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا السعر المكتوب الذي تريد طمسه واستبداله بسعر أعلى منه، إن كان الكتاب لك، وأنت من وضع السعر، ثم بدا لك استبداله بسعر آخر ثمنًا للكتاب؛ فلا حرج عليك في ذلك، إذا رضي به المشتري. وهذا هو دأب التجار، وشأن الأسواق تقلب الأسعار، والربح في التجارة، ليس له حدٌّ معين، بل مردّه إلى تراضي البائع والمشتري؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29}، ولم يأت في الشريعة قرآنًا، ولا سنّة شيء يقيّد الربح بنسبة معينة، بل ترك هذا الأمر لضمير التاجر المسلم، وسماحته، ومراعاته للعدل، والإحسان، ورحمته بالخلق، وهي مبادئ لا تنفك عن الاقتصاد، والتجارة في تصور المسلم.

وقد جاء في السنة ما يبيّن مشروعية الربح مائة في المائة، ففي الحديث الذي رواه البخاري، وغيره، عن عروة بن الجعد، قال: عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب، فأعطاني دينارًا، وقال: أي عروة، ائت الجلب، فاشتر لنا شاة، فأتيت الجلب، فساومت صاحبه، فاشتريت منه شاتين بدينار، فجئت أسوقهما، فلقيني رجل، فساومني، فبعته شاة بدينار، فجئت بالدينار، وجئت بالشاة، فقلت: يا رسول الله، هذا ديناركم، وهذه شاتكم... فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك له في صفقة يمينه.

وجاء في البخاري: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، أي: باعها بأكثر من تسعة أضعافها.

وبناء على ما تقدم؛ فيجوز للبائع أن يزيد في ثمن سلعته، وأن يعرضها بسعر أعلى مما كان يعرضها به من قبل، وإن كان الأولى عدم المبالغة في ذلك، لحديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى. رواه البخاري.

وأمّا لو كان المرء وكيلاً عن البائع، وقد حدد الثمن الذي يطلبه في كتابه، فليس للوكيل تغيير ذلك، ولو فعل دون إذن من صاحب الكتاب، فالزيادة لصاحب الكتاب لا للوكيل. وانظر الفتوى: 137960.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني