السؤال
في السابق، كنت عندما أصلي الجماعة، أدخل وأنوي الصلاة، وأحددها مثلا أنوي صلاة الظهر وأكبر، وهكذا، والآن علمت أنه يجب أن أنوي الاقتداء؛ فأصبحت أنوي صلاة الظهر، وأنوي الاقتداء بالإمام، وأكبر، دون أن أحدد اسم الإمام، فقط أنوي الاقتداء بالإمام الذي يصلي بهذه الجماعة.
لدي سؤالان:
1: هل نيتي هذه صحيحة، وهي أن أنوي مثلا صلاة الظهر، وأنوي الاقتداء بالإمام الذي يصلي بهذه الجماعة؟ فهل هذه النية صحيحة أم لا؟ علما أني قرأت كلاما في موقعكم يقول، إنه يجب أن يحدد اسم الإمام، وكان هذا الكلام في المكتبة الإسلامية بموقعكم بعنوان: " الكتب روضة الطالبين، وعمدة المفتين كتاب صلاة الجماعة باب صفة الأئمة فصل في شروط الاقتداء، وآدابه الشرط الرابع: نية الاقتداء" فرع يجب على المأموم أن يعين في نيته الإمام.
فهل نيتي تكون صحيحة، بعد أن قرأت هذا الكلام، ولم أعين الإمام؟
2: هل صلواتي السابقة صحيحة أم لا؟ وهل يجوز لي الأخذ بقول من يقول بعدم وجوب القضاء، وهو ابن تيمية؟ لأني كنت جاهلا بهذا الأمر أم إنه يجب علي القضاء، ولا يجوز لي الأخذ بقول بمن يقول بعدم وجوب القضاء؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيجب على المأموم، نية الاقتداء، اتفاقا، لكن ليس عليه أن يعين الإمام الذي يقتدي به، أو يسميه، بل يكفيه نية الاقتداء بالإمام الحاضر.
جاء في الموسوعة الفقهية: واتفق الفقهاء، على أن المأموم يجب عليه أن ينوي الاقتداء بالإمام, وليس عليه أن يعين الإمام. اهـ.
وعليه؛ فإن ما تقوم به من عدم تعيين الإمام الذي تقتدي به، صحيح، وبالتالي فصلواتك في هذه الحالة صحيحة إن شاء الله، وليس عليك إعادتها.
وأما عن صلواتك التي صليتها دون نية الاقتداء، ففيها تفصيل، وخلاف بين أهل العلم، راجع فيه الفتاوى التالية أرقامها: 20151، 47115، 70439.
وحيث إن ذلك حصل عن جهل منك بالحكم الشرعي، فمقتضى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، أنه لا قضاء عليك على كل حال.
حيث يقول رحمه الله: سنته صلى الله عليه وسلم فيمن كان لم يعلم الوجوب، أنه لا قضاء عليه؛ لأن التكليف مشروط بالتمكن من العلم، والقدرة على الفعل. ولهذا لم يأمر عمر، وعمارا بإعادة الصلاة لما كانا جنبين. فعمر لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة، ظنا أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء. وكذلك الذين أكلوا من الصحابة حتى تبين لهم الحبال السود، من البيض، لم يأمرهم بالإعادة. وكذلك الذين صلوا إلى غير الكعبة قبل أن يبلغهم الخبر الناسخ، لم يأمرهم بالإعادة، وكان بعضهم بالحبشة، وبعضهم بمكة، وبعضهم بغيرها، بل بعض من كان بالمدينة، صلوا بعض الصلاة إلى الكعبة، وبعضها إلى الصخرة، ولم يأمرهم بالإعادة، ونظائرها متعددة.
فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة، تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن كان عاجزا عن أحدهما، سقط عنه ما يعجزه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. اهـ.
وقال ـ رحمه الله ـ في (الفتاوى الكبرى): من ترك الصلاة جاهلا بوجوبها، مثل من أسلم في دار الحرب، ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه، فهذه المسألة للفقهاء فيها ثلاثة أقوال ... والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة ... وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر، أن في النساء والرجال بالبوادي، وغير البوادي من يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة ... فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات، سواء قيل: كانوا كفارا، أو كانوا معذورين بالجهل. اهـ.
وقول شيخ الإسلام في هذه المسائل، قول معتبر، وتقليده في ذلك سائغ، كتقليد سائر الأئمة المعتبرين من غير ترخص.
هذا؛ وينبغي التثبت عند الرجوع للكتب ونقل الكلام منها؛ لأن ما نسبته للروضة، خلاف ما فيها، فالذي فيها: فرع: لا يجب على المأموم أن يعين في نيته الإمام، بل يكفي نية الاقتداء بالإمام الحاضر. اهـ.
فلم تنتبه لقوله: ( لا).
والله أعلم.