السؤال
هل يلزم أن أنكر بقلبي الذنوب التي حصلت في الزمن الماضي من بعض الناس؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزم في هذا إنكار، لأنه لا يصدق عليك رؤية المنكر المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
لأن تلك الرؤية لا تصدق إلا على ما يمكن تغييره باليد، والمنكر الذي مضى زمنه في القرون المتقدمة لا يعقل تغييره، ولكن على المؤمن أن يكره المنكر ولا يرضى به إذا بلغه، كما في الحديث: إن الخطيئة إذا عملت في الأرض كان من غاب عنها ورضيها كمن حضرها، ومن شهدها وسخطها كان كمن غاب عنها وأنكرها. رواه الطبراني في الكبير.
ويحسن حينئذ الاستغفار للعصاة من المسلمين، لأن الشرع تعبدنا بالاستغفار لجميع المؤمنين، فقد قال الله تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم {محمد:19}.
وفي صحيح ابن حبان عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم طيب نفس قلت: يا رسول الله ادع الله لي، فقال: اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، وما أسرت وما أعلنت، فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيسرك دعائي؟ فقالت: وما لي لا يسرني دعاؤك، فقال صلى الله عليه وسلم: والله إنها لدعائي لأمتي في كل صلاة. والحديث حسنه الألباني في السلسلة.
هذا، وننبه إلى أن قوله: من رأى ـ يحتمل تفسيرها بالعلم، فيصدق على من علم وقوع المنكر، فيجب عليه تغييره إن قدر ففي شرح الأربعين النووية للعلامة ابن عثيمين: وقوله: من رأى ـ هل المراد من علم وإن لم ير بعينه، فيشمل من رأى بعينه، ومن سمع بأذنه، ومن بلغه خبر بيقين، وما أشبه ذلك، أو نقول: الرؤيا هنا رؤية العين، أيهما أشمل؟ الجواب: الأول، فيحمل عليه، وإن كان الظاهر الحديث أنه رؤية العين، لكن مادام اللفظ يحتمل معنى أعم فليحمل عليه.
اهـ.
والله أعلم.