السؤال
هجر العائلة جميعها بشكل نهائي لأسباب قوية، كما سأذكره مختصرا، وأرجو سعة الصدر، فأنا قد حاولت أن أختصر قدر المستطاع، رغم أن الكلام قد لا يصف ما أعانيه نفسيا بشكل واف.
تبدأ معاناتي مع عائلتي منذ القدم، فهم قوم لا يصلون، ولا يتقون الله في أنفسهم، ولا مانع لديهم في عيش الحياة كما يعيشها باقي الناس -كما يدعون-، ولا يرون في الحق غير ما يريدون، ويحبون الشهوات، ويزحفون من أجل الملذات؛ منهم من يشرب الخمر، ويتعاطى المخدرات، ومنهم من لا مانع لديه من أخذ شيء ليس من حقه، وقد اضطرتني الظروف الحسنة نوعا ما إلى الابتعاد عنهم فترة؛ بسبب تأدية الخدمة العسكرية، ورأيت في هذه الفترة تقربا إلى المولى -عز وجل-، وإن كان متقطعا بعض الشيء، ولكني أظن أن سبب الانقطاع كان الفترة التي أعود فيها إلى البيت في إجازة، فكنت بمجرد أن أدخل المنزل أحس بشيء سيئ، وكأني أمر بجوار إبليس وشياطينه بمجرد دخولي من باب المنزل، وحاولت كثيرا أن أبتعد عن التوتر، ولكني من المفترض أني أعيش في بيت عائلة.
بعد تأديتي للخدمة قررت أن أصحح حياتي؛ بأن أكمل تعليمي، وأن أحاول أن أستقر في حياتي بعيدا عن هذا البيت، وهذه العائلة التي يقاطعها باقي أفراد العائلة الكبرى منذ سنين؛ بسبب المشاكل والفضائح الدائمة، فأوصيت صديقا لي بالبحث عن شقة صغيرة أسكن فيها بعيدا عنهم، ولكن حدث شيء مغاير لما كنت أرتبه لحياتي؛ إذ فجأة مرض والدي مرضا شديدا – قد كان يعاني في الأساس من فيروس الكبد الوبائي سي- فقررت أن أؤجل كل هذا إلى أن يروق الحال، ويستفيق أبي من مرضه على خير من الله، ولكن كان أجله قد حان، ولا راد لقضاء الله، ووافته المنية، وترك لي حينها الأم، وأخواتي البنات الاثنتين، علما أن لي أخوين اثنين من الذكور من والدة أخرى، ويقطنون في مكان مختلف، فأصبحت المسؤولية على عاتقي مرة واحدة، فأنا لم أكن قد تعودت على هذا من قبل، فكلامي من قبل كان من باب النصح والإرشاد فقط، ليس من باب تحمل المسؤولية كاملة.
سأحاول أن أختصر ما قلته سابقا: عائلتي هذه دائمة المشاكل بسبب فساد الخلق فيها، والسباب الدائم ليلا ونهارا، سرا وجهارا، وأسرتي التي أنا مسؤول عنها -أي: الأم، وأختي المتبقية؛ والأخرى قد تزوجت، ولكنها أيضا توافقهم الرأي- لا مانع لديهم أن يعيشوا في وسط هذا الجحيم المستعر، وأنا قد بلغت من العمر 28 عاما، وقد رأيت شتى أنواع الفساد في هذا البيت منذ الصغر، وقد اشتد الأمر قبيل وفاة والدي بسبب مشكلة حدثت مع أحد أبناء من تقطن معنا من العائلة، ولساني ويدي لا يطاوعانني أن أكتب عنها شيئا - وإن كان اسما - لمجرد شعوري بضياع البقية الباقية في نفسي من الكرامة، وبالطبع بسبب الكراهية اللا متناهية التي نشأت بيني وبينها وأولادها، فأنا عندما أراهم كأني أرى إبليس أمامي، فلا أطيق مجرد رؤيتهم، فهم غير أسوياء خلقيا، أو نفسيا -كحال أمهم وأبيهم، ومن شابه أباه فما ظلم-.
وسامحني أخي الفاضل القارئ لرسالتي إن كان كلامي حادا بعض الشيء في نقلي للجزئية الأخيرة، فصدقني لو رأيت ما رأيت منهم لعذرتني.
أتمنى أن تنصحوني؛ فقد مللت، وتعبت من كثرة المشاكل، وعلى مدار آخر 6 سنوات بالتحديد ضقت ذرعا، وفاض بي الكيل، وتعبت حقا، سواء من كثرة المشاكل التي وصلت للقضاء أم من صمت أسرتي ورضاهم على ما يحدث، وأنا لم أتحمل هذه السنين إلا من أجلهم، وبالأخص بعد وفاة والدي، وهم لا يتحملون مفارقة هذا الجحيم من أجلي، فما الحكم السليم الذي يراعي حقي الذي من الواضح أنه أهدر كثيرا بسبب أسرتي -وهذا ليس بجديد-؟