السؤال
أحب شخصية كرتونية وأعمل الطاعات رجاء الاجتماع بها في الآخرة، ولكنكم قلتم لي: إن حبي لهذه الشخصية من الشيطان، فكيف يكون ذلك وهي تبعدني عن المعاصي، وتدفعني لفعل الطاعات؟
أحب شخصية كرتونية وأعمل الطاعات رجاء الاجتماع بها في الآخرة، ولكنكم قلتم لي: إن حبي لهذه الشخصية من الشيطان، فكيف يكون ذلك وهي تبعدني عن المعاصي، وتدفعني لفعل الطاعات؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنك ذكرت في سؤالك الذي أجبناك عنه في الفتوى رقم: 303334، أنك فتاة تحبين شخصية كرتونية لشاب مذكر حبا كبيرا، ثم ذكرت أنك تعلقت تعلقا شديدا بصورة هذا الشاب الكرتوني المرسوم باليد، وأنك تعملين الطاعات لتريه في الجنة، لا لأجل أنك تحبين الله وتخشينه، فلهذه الأسباب وغيرها مما تفهم من سؤالك السابق قلنا لك: يبدو أن هنالك مدخلا للشيطان في هذا الأمر، فإن البعد عن المعاصي وفعل الطاعات لا يثاب عليها المسلم، إلا إذا كانت خالصة لله، فإن الله لا يقبل من الطاعات إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم.
ويجوز فعل الطاعات لأجل تحصيل منفعة دنيوية، أو أخروية مأذون فيهما، بشرط أن تكون تابعة للأصل، وهو التعبد لله تعالى، ويتضح هذا الكلام بمعرفة الفرق بين قاعدة الرياء في العبادات وبين قاعدة التشريك في العبادات، وقد بينها القرافي ـ رحمه الله ـ في كتاب الفروق، وانظري بعض كلامه في الفتوى رقم: 168889.
ثم اعلمي أن الشيطان من كيده لابن آدم أنه يفتح له أبوابا من الخير ليوقعه في باب واحد من الشر، كما قال الحسن بن صالح، قال: إن الشيطان ليفتح للعبد تسعة وتسعين بابا من الخير، يريد بها بابا من الشر. ذكره الذهبي في كتابه: سير أعلام النبلاء.
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر {النور: 21}.
فنصيحتنا لك ترك التعلق بهذه الشخصية الكرتونية، فعقل المؤمن وهمته أعلى وأعظم من أن يعلقهما بشيء لا حقيقة له، بل ينبغي أن تكون همته رضا رب،ه والشوق إلى لقائه تعالى، وسؤاله النظر إلى وجهه الكريم.
والله أعلم.