توفي عن زوجة وأم وأربعة أولاد وأربع بنات

0 100

السؤال

وجزاكم الله عنا خير الجزاء على هذا الموقع الذي نلجأ إليه للتفقه في أمور ديننا ودنيانا. سؤالي يتعلق بالمواريث:
توفي والدي ـ رحمه الله ـ وله أربعة أولاد ذكور وثلاث بنات من زوجته الأولى التي انفصل عنها، وله زوجة ثانية وله منها بنت، وكذلك والدته ما زالت على قيد الحياة، وله أختان من والدته وليستا أختيه من الأب.
1- كيف يقسم الميراث حيث إن له بيتين أحدهما كتبه بيعا وشراء لزوجته الثانية والآخر أوصى به للورثة.
2- هل ترث الزوجة من البيت الثاني لو طلبت ذلك؟ وهل يحق للأبناء أن يطعنوا في بيع البيت لزوجته الثانية؟ علما أنه كان مشلولا في الثلاث سنوات الأخيرة، وباع لها البيت وهو على سرير المرض، وأنا وأخي الكبير من تحملنا تكاليف علاجه ومصاريف بيته طوال تلك الفترة.
3- هل لنا إرث من جدتي بعد وفاتها أو يذهب الإرث لبنتيها؟.
علما أننا لا نطمع في ما ليس لنا ونريد تحكيم شرع الله، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبه أولا إلى أن الزوجة الأولى إذا كانت عدتها قد انقضت قبل وفاة زوجها, أو كانت مطلقة بائنا, ولو مات في عدتها فإنها لا ترث, وأما إن كان قد توفي وهي ما تزال في عدته من طلاق رجعي، فإنها ترث وتكون شريكة للزوجة الثانية في ثمن التركة, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 143921.

وعلى أية حال فإن كان الورثة محصورين فيمن ذكر, وكانت البنات أربعا فللزوجة الثمن ـ فرضا ـ  وهو للزوجة الثانية وحدها أو للزوجتين معا - إن كانت الأولى في حالة ترث فيها - لقوله تعالي: فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين {النساء:12}، وللأم السدس ـ فرضا ـ لقوله تعالي: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد {النساء:11}، والباقي للأبناء, والبنات تعصيبا, للذكر مثل حظ الأنثيين, وتقسم هذه التركة على مائتين وثمانية وثمانين سهما, للزوجة أو الزوجتين الثمن ستة وثلاثون سهما, ويكون هذا للثانية وحدها إذا كانت الأولى قد خرجت من العدة قبل وفاة المورث، وإذا كان قد توفي قبل انقضاء عدتها فإنه يكون مشتركا بين الزوجتين، فيكون لكل منهما ثمانية عشر سهما. وللأم السدس ثمانية وأربعون سهما, ولكل ابن أربع وثلاثون سهما, ولكل بنت سبعة عشر سهما، ولا إرث للأختين من جهة الأم لوجود الأبناء والبنات.

وبخصوص جدتكم , فإنها إذا ماتت وتركت بنتين فقط , فلهما الثلثان من تركتها, والباقي لأبناء ابنها وبنات ابنها ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين.

وهناك بعض الأمور المتعلقة بهذه التركة سنجيب عليها كما يلي:

1ـ بخصوص البيت الذي أوصى به والدكم للورثة, فهو من قبيل الوصية لوارث, وهي مردودة إلا إذا أمضاها جميع الورثة بشرط كونهم بالغين رشداء وتستحق الزوجة الثانية نصيبها من هذا البيت لأنه من جملة التركة, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 170967.

2ـ ما ذكرت أن والدكم قام به من كتابة أحد البيتين (بيع وشراء) لزوجته الثانية، وأنه كان مشلولا في الثلاث سنوات الأخيرة وباع لها البيت وهو على سرير المرض... فجوابه أن المريض مرضا مخوفا منه الموت يصح بيعه ولو لبعض ورثته، ولكن بشرط أن يكون عاقلا مدركا لما يفعل, وألا يحابي في بيعه للوارث، فإن حاباه كان ذلك في معنى الهبة في المرض، والهبة في المرض للوارث موقوفة على إجازة الورثة الذين لهم أهلية الإجازة، وراجع الفتوى رقم: 129185.

ولكن يبقى الكلام في مرض الشلل الذي قلت إنه كان هو المرض المصيب لوالدكم، وهذا المرض لم نقف على نص فيما إذا كان مرضا مخوفا يحجر على صاحبه أم لا, وبالتالي فلا بد من الرجوع فيه إلى الأطباء العدول المتخصصين في هذا المجال, جاء في الموسوعة الفقهية: وقال الشافعية والحنابلة: ما أشكل أمره من الأمراض يرجع فيه إلى قول أهل المعرفة، وهم الأطباء، لأنهم أهل الخبرة بذلك والتجربة والمعرفة، ولا يقبل إلا قول طبيبين مسلمين ثقتين بالغين، لأن ذلك يتعلق به حق الوارث وأهل العطايا، فلم يقبل فيه إلا ذلك, انتهي. وقد تبين لك مما ذكرنا في هذه النقطة أنه لا يمكن الاكتفاء فيها بما هو مسطور هنا، وأنه لا بد من الرجوع فيها إلى الأطباء المختصين وإلى القضاء الشرعي.

3ـ ثم إذا كان والدكم فقيرا, فإن نفقته واجبة على أولاده ذكورا وإناثا, وقد اختلف العلماء في توزيع النفقة على الأولاد الموسرين هل توزع بقدر الميراث أم على الرؤوس أم على قدر يسارهم؟ وقد سبق أن رجحنا أن النفقة توزع على قدر يسار الأولاد، كما هو الراجح عند المالكية، في الفتوى رقم: 165067, وفي هذه الحالة يحق للسائل وأخيه ـ إن لم يكونا متبرعين بالنفقة ـ الرجوع على باقي الأولاد والبنات الموسرين بها والموسرات بقدر نصيب كل منهم من النفقة الواجبة للأب. والعلاج مثل النفقة كما سبق في الفتوى رقم: 278362.

4ـ إذا كان الأب غنيا, فإن كانت مصاريف النفقة والعلاج تبرعا, فلا يحق لكما الرجوع بشيء, وإن قصدتما الرجوع على الأب بتلك المصاريف, فهي دين عليه, ولكما أخذها من تركته, وقد ذكرنا حكم الرجوع بالنفقة, وذلك في الفتوى رقم: 277081, والفتوى رقم: 289036.

وعلى أية حال فإنه لا بد من رفع هذا الأمر إلى محكمة شرعية للنظر في تفاصيل هذه المسألة, فإن التركات أمرها خطير جدا وشائك للغاية، وخصوصا إذا تعلق بها ما يحتمل الخصام والنزاع، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة