أهل زوجته يحرضونها على فراقه

0 176

السؤال

بداية أنا شاب متزوج منذ عامين، وأبلغ من العمر 30 سنة، مواظب على الصلوات ولله الحمد، ولكن مع الأسف ليس في جماعة، وإنما في البيت غالبا، ولكنني أعاني من أزمة نفسية شديدة تكاد تقودني إلى حد الجنون. فمنذ أن تزوجت تلك المرأة، وأهلها يظهرون النوايا الخبيثة في الغرض من الزواج. حيث إنهم يتربصون حتى تغضب زوجتي، وتذهب إليهم، ومن ثم يرفضون رجوعها، ويظهرون التسلط عليها، ويطلبون الطلاق لمجرد أسباب تافهة، لا لأسباب شرعية.
لدرجة ظن البعض من أقربائي بأن غرض أهلها من الزواج كان الطمع. حيث إن أهلي يمتلكون عقارا، والحالة المادية فوق المتوسط بقليل. ولكن في نفس الوقت لست شابا ممن ترغب فيه، غالبية النساء (وهذا ما يقودني إلى الجنون) حيث إني قصير القامة، وأشعر أنني عندما أنظر إلى كل امرأة، أشعر بأنني شخص غير مرغوب فيه! وبسبب ذلك في بعض الأوقات، أشعر بالجنون، والأذى النفسي الداخلي يصل إلى ما فوق طاقة الإنسان، ربما يقودني إلى السخط القلبي أحيانا. وبعدها بدقائق أستغفر الله على ما كان من سخط. ولكن أحيانا (كأن إبليس -عليه لعنة الله- يقول لي: ما الفائدة من الصبر في الدنيا، وأنت أصلا لست بمتدين! ما الفائدة من الصبر في الدنيا، وأنت مثلا مدخن! ما الفائدة من الصبر في الدنيا، وأنت تعصي الله في بعض الأمور الأخرى، وإن كانت من الصغائر! لن تجني شيئا ثمينا من هذا الصبر؛ لأنك حتى وإن جزيت خيرا، أو حسنات على هذا الصبر، لكن أيضا ستحاسب على أفعالك الأخرى كبقية أغلب عوام الناس!! إذا لا فائدة من الصبر؛ لأنك ستدخل النار على معاصيك الأخرى). هذا كله ما يدور في قلبي، ويؤلمني كثيرا جدا.
فهل هناك مخرج من هذه الخواطر؟
وهل يمكن أن يأخذ الله بحقي في الدنيا أيضا على ما عانيته من ظلم، وإهانة، وأذى من أهل زوجتي، واعتبارهم بأنه لا وجود لي أصلا، والزواج يظهر وكأنه مصلحة؟ أم الحقوق تكون في الآخرة فقط؟
وماذا أفعل حيال شعوري في بعض الأحيان بأنني ولدت فقط لأكون مصدر إزعاج بالنسبة للآخرين؟ أشعر أن بيني وبين الجنون شعرة!!
أريحوني أراحكم الله.
- وأيضا لا أرغب في الطلاق، حيث إنني لا أملك أموالا كافية لأتزوج مرة أخرى، وأيضا كما قلت لكم حتى وإن امتلكت أموالا كافية، فلست الشخص المرغوب بالنسبة للنساء كثيرا، ففرصة زواجي مرة أخرى صعبة جدا من حيث القبول. فقد حاولت كثيرا قبل أن أتزوج زوجتي هذه، أن أتقدم لأخريات، وكثير منهن يرفضن بحجة الطول، رغم أن منظري ليس قبيحا، وجسدي متناسق مع طولي، فمثلا لست أعرج كباقي أغلب قصار القامة وإلخ.)! غير أن زوجتي أيضا أحبت العشرة فيما بيننا، وتعودت علي، وأنا أيضا أحببت زوجتي، لكن أهلها هم من يضغطون عليها بقوة ووالدها -عليه من الله ما يستحق- يخيرها بيني، وبينه، وقال لها إما أنا أو هو.
فبماذا تنصحوني؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فهذه الخواطر التي تنتاب قلبك من الخواطر الشيطانية، فهذا اللعين عدوك، يريد أن يغويك، ويقودك بهذه الخواطر إلى النار وبئس القرار، قال الله عز وجل: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير {فاطر:6}، فعند ورودها، استعذ بالله من الشيطان الرجيم، واجتهد في مدافعتها، ولا تقنط من رحمة الله؛ فمغفرته أكبر من أن يعظم معها ذنب. قال تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى {طه:82}. وقال سبحانه: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}. 

 والقصر ليس بعيب يرد به الخطاب شرعا عن الزواج، وكل خلق الله حسن، كما ثبت بذلك الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده. ولا تلتفت إلى هذا الشعور بكونك إنما خلقت لإزعاج الآخرين، بل خلقت لتعبد الله عز وجل، وتتمتع بما يتمتع به الآخرون من متع الدنيا المباحة، ومن ذلك أن تكون لك زوجة تعف بها نفسك، وترزق منها ذرية طيبة.

  وإن كان أهل زوجتك يتدخلون بينك وبين زوجتك على الوجه الذي ذكرت، ويحرضونها على ترك البيت، فهذا أمر منكر، وفيه ظلم لك ولزوجتك، ولا نستطيع الجزم بأن الله سيعاقبهم على ذلك في الدنيا أو في الآخرة؛ لأن هذا من الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، وقد يعاقبهم عليه، فالأمر إليه سبحانه. ولو أنك عفوت عنهم، فالعفو أفضل، وراجع في فضله الفتوى رقم: 27841.

ولست ملزما بأن تطلق زوجتك، خاصة وأنها راغبة في البقاء في عصمتك، ولا يلزمها طاعة والديها في فراقك للسبب المذكور. فإن أصر أهلها على طلاقها، فارفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لترجعها إلى بيت الزوجية. وننصح قبل ذلك بتدخل العقلاء من أهلك، وأهلها للإصلاح.

ونوصيك بكثرة الدعاء، وصدق الالتجاء إلى رب الأرض والسماء في جميع شؤونك، فهو القائل سبحانه: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}. يسر الله أمرك، وفرج كربك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة