السؤال
أريد التسويق لمنتوجات مثل الموبايلات والكاميرات وغيرها من الأشياء التي تستخدم في الحلال والحرام، وغالب الظن عندي أن من يستعملون الموبايلات يستخدمونها في المحرم، وأريد الترويج لمنتوج يستخدم في الحلال والحرام، ولا أعلم هل المشتري سيستعمل المنتوج في الحلال أو الحرام، فما حكم الربح من هذا؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد تكلم الفقهاء في كتبهم عن بيع ما يستعمل في المباح وفي الحرام، ونصوا على أنه لا يحرم بيعه إلا إذا علم البائع أو غلب على ظنه أن المشتري سيستعمله في المحرم، فإنه لا يجوز بيعه له حينئذ، لقول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2}.
جاء في الموسوعة الفقهية عن بيع العنب مع أنه يتخذ منه الخمر: اشترط الجمهور للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم لم يكره بلا خلاف، كما ذكره القهستاني من الحنفية، وهو صريح كلام المرغيناني الآنف الذكر، وكذلك قال ابن قدامة: إنما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك: إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، أما إذا لم يعلم البائع بحال المشتري، أو كان المشتري ممن يعمل الخل والخمر معا، أو كان البائع يشك في حاله، أو يتوهم، فمذهب الجمهور الجواز، كما هو نص الحنفية والحنابلة، ومذهب الشافعية أن البيع في حال الشك أو التوهم مكروه. اهــ.
وقال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: ولا يصح بيع ما قصد به الحرام إن علم البائع ذلك ولو بقرائن... اهـ.
وقد نظم صاحب الكفاف مسألة تحريم بيع ما يستعمل في الحرام، فقال:
وكل ما به أراد المشتري * ذنبا فبيعه له ذو حظــــر
فبيع الأسلحــة للعصـاة * من البيوعات المحرمات.
وقولك إن غالب الناس يستعملون الهواتف النقالة في المحرمات، هذا الحكم غير مسلم، بل إن أغلب استعماله في المباحات، ويظهر لنا من خلال أسئلتك السابقة أنك مصاب بالوسوسة في باب التجارة وربحها، وينبغي أن تعلم أن الأصل في هذا الباب الإباحة لا التحريم، لقوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا {البقرة: 275}.
قال السعدي: أي: لما فيه من عموم المصلحة وشدة الحاجة، وحصول الضرر بتحريمه، وهذا أصل في حل جميع أنواع التصرفات الكسبية حتى يرد ما يدل على المنع. اهـ.
والله أعلم.