السؤال
أرغب في توسيع عملي في مجال التقسيط، وهدفي هو تقسيط أجهزة الجوال، والأجهزة الكهربائية، وبعد تفكير واستشارة وجدت طريقتين لا أعلم هل هما جائزتان شرعا أم لا، وهما:
الأولى: أن آخذ من الموزع بضاعة، وأدفع قيمتها عند بيعها، حيث تكون البضاعة معروضة عندي وتحت ضماني، ويقوم موزع الأجهزة الكهربائية بتسليمي مجموعة من الأجهزة، وبعد أن أبيع أي جهاز بالتقسيط أقوم بتسديد قيمته كاملة للموزع، حيث إن الموزع يضع البضاعة بداية الشهر، وفي آخر الشهر أقوم بدفع قيمة البضاعة المباعة، سواء كانت نقدا أم أقساطا، وأقوم بدفع قيمة الجهاز من حسابي في حال بيعه بالأقساط أو بالآجل، وأقرب مثال على ذلك ما تقوم به شركات الألبان، فهي لا تستلم قيمة البضاعة إلا بعد بيعها.
الثانية: أقوم بشراء سلعة من أحد المعارض بحسب رغبة العميل، وأشترط على المعرض فترة سماح بإرجاع السلعة، مدتها خمسة أيام مثلا، وأستطيع خلالها إرجاع السلعة واستعادة قيمتها في حال تراجع العميل عن الشراء، حيث إن العميل غير ملزم بشراء السلعة، وأنا قد قمت بشرائها بهدف بيعها بالأقساط، فإن قام العميل بشرائها، وإلا أعدتها للمعرض واسترجعت ثمنها خلال فترة السماح. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للطريقة الأولى: فلا ندري حقيقة العلاقة بين السائل وبين الموزع، هل هي وكالة، أم إن السائل يشتري منه هذه الأجهزة، ويشارطه على أن يرد له البضاعة غير المباعة، كما هي طريقة بيع الألبان عند البعض التي مثل بها السائل، وهي ما يعرف ببيع التصريف، وهو محل خلاف بين أهل العلم، والأكثر على بطلانه، قال الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح في بيع التصريف: صورته أن يقول: بعت عليك هذه البضاعة، فما تصرف منها فهو على بيعه، وما لم يتصرف فرده إلي، وهذه المعاملة حرام؛ وذلك لأنها تؤدي إلى الجهل ولا بد، إذ أن كلا من البائع والمشتري لا يدري ماذا يتصرف من هذه البضاعة، فتعود المسألة إلى الجهالة، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر ـ وهذا لا شك أنه من الغرر، ولكن إذا كان لا بد أن يتصرف الطرفان هذا التصرف، فليقل من له السلعة: خذ هذه وبعها بالوكالة، وليجعل له أجرا على وكالته، فيحصل بذلك المقصود للطرفين، فيكون هذا الثاني وكيلا عن الأول بأجرة، ولا بأس بذلك. اهـ.
وبنحو ذلك قال الشيخ الشنقيطي في شرح زاد المستقنع، وقد رجح الشيخ ابن عثيمين في موضع آخر جواز هذا البيع، فقال في كتاب الإجارة من الشرح الممتع: مسألة التصريف لها طريقان، إما أن يوكله ـ يعني الذي أتى بالخبز، أو اللبن يوكل البقال ـ فيقول: خذ هذا بعه، ولك على كل كرتون كذا وكذا، فهذا جائز قولا واحدا؛ لأنه توكيل بعوض، فليس فيه إشكال، أو يقول على القول الراجح: هذه ـ مثلا ـ عشرة صناديق هي عليك بمائة، كل صندوق بعشرة، وما لم تصرفه يرد بقسطه من الثمن، فهذا نرى أنه جائز؛ لأنه ليس على أحد الطرفين ضرر وليس فيه ظلم، وصاحب السلعة مستعد لقبول ما تبقى، إذن المهم أن نحدد مقدار ثمن كل واحد، وحينئذ يكون صحيحا. اهـ.
وكذلك رجحه الدكتور عبد الله السلمي في بحثه: عقد التصريف توصيفه وحكمه.
وأما الطريقة الثانية التي ذكرها السائل: فلا حرج فيها؛ لأن الخيار يجوز اشتراطه لكل من العاقدين، قال ابن قدامة في المغني: يجوز شرط الخيار لكل واحد من المتعاقدين، ويجوز لأحدهما دون الآخر، ويجوز أن يشرطا لأحدهما مدة وللآخر دونها؛ لأن ذلك حقهما، وإنما جوز رفقا بهما، فكيفما تراضيا به جاز. انتهـى.
وعلى ذلك؛ فلا حرج على السائل إذا اشتراط على المعرض الذي يشتري منه السلعة مدة خيار قدرها خمسة أيام، ونحو ذلك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 93183.
والله أعلم.