السؤال
أنا شاب مقبل على الزواج، وبصراحة أنا في حيرة من أمري، فقد علمت أن من شروط الشاهدين أن يتصفا بالعدالة، وهو حسب فهمي اجتناب الكبائر، وعدم التساهل مع الصغائر.
وبصراحة، لا أعرف أحدا من الأقارب، أو الأصدقاء فيه هذه الصفات.
قد يكون منهم من خيره أكثر من شره، ولكن أن يكون متقيا حق التقوى، فلا يوجد أحد ممن أعرف له هذه الصفة.
فمثلا قد يكون منهم من يقع في الغيبة، أو من يحلق لحيته، أو يسبل إزاره، أو من يسمع الغناء!
فما هو الحل، وأين سأجد هذين الشاهدين؟!
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه أن الأمر أهون مما تظن، وأنك لن تعدم في المحيطين بك شاهدين عدلين؛ فإنه لا يشترط في الشهود أن يكونوا من الأقارب، أو الأصدقاء. ولا يشترط معرفة حقيقة عدالتهم، بل تكفي العدالة الظاهرة، وعلى أية حال، فلو كان الفسق فاشيا في المجتمع، فلا ينسد باب الشهادة، ولكن يعتبر الأمثل فالأمثل.
قال ابن القيم -رحمه الله-: ونظير هذا لو كان الفسق هو الغالب على أهل تلك البلد، وإن لم تقبل شهادة بعضهم على بعض، وشهادته له، تعطلت الحقوق، وضاعت قبل شهادة الأمثل، فالأمثل. إعلام الموقعين عن رب العالمين.
واعلم أن اشتراط العدالة في شهود النكاح، محل خلاف بين أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ولو لم يكن الشاهدان معدلين عند القاضي، بأن كانا مستورين، صح النكاح إذا أعلنوه ولم يكتموه، في ظاهر مذهب الأئمة الأربعة. ولو كان بحضرة فاسقين، صح النكاح أيضا عند أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايتين. ولو لم يكن بحضرة شهود، بل زوجها وليها، وشاع ذلك بين الناس، صح النكاح في مذهب مالك، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه. وهذا أظهر قولي العلماء، فإن المسلمين ما زالوا يزوجون النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالإشهاد، وليس في اشتراط الشهادة في النكاح حديث ثابت؛ لا في الصحاح، ولا في السنن، ولا في المساند. مجموع الفتاوى.
والله أعلم.