السؤال
أنا متزوج، وعندي أربعة من الأبناء ـ ولله الحمد والشكر ـ كنت على علاقة مع فتاة استمرت أربع سنوات، وكانت علاقة متقطعة، وأخبرت تلك الفتاة برغبتي في السفر، وإن أرادت انتظاري سنة كاملة فسوف أعود، مع العلم أنني كنت مترددا في الزواج بها لظروفها الأسرية المفككة، وأثناء وجودي خارج البلد قامت بعمل علاقات ـ الزنا باعترافها لي بعد الضغط عليها، وقبل زواجي منها ـ مع عدة أشخاص، وحبي لها جعلني أتزوجها، وأنا الآن متزوج منها، وعندي استفسارات بخصوص هذا الزواج: هل في ديننا الحنيف آية أو حديث يوجب على العاصي أن يندم على ما فعله؟ وهل أطلقها لعدم قدرتي على تحمل ما حصل قبل زواجي بها؟ وما تعريف التوبة الصادقة في الإسلام؟ مع أنها ستعود لحياة الضياع إن طلقتها؛ لتستطيع العمل والعيش، ومنذ زواجي منها أحسست بصدق توبتها، ونيتها في الاستقرار في الحلال، واعترفت بذلك أمامي، وما أشاهده أمامي أنها صادقة في تصرفاتها، ولكن الشخص إن وقع في الخيانة فسوف تتكرر، وبعد الزواج تصر على أنني يجب أن أكون معها فقط، وأن أترك أولادي وزوجتي الأولى، وأن أصرف عليهم فقط، فهل آثم إن طلقتها على ما ذكر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالندم واحد من شروط التوبة، بل هو ركن أساسي فيها، روى أحمد، والبيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن التوبة من الذنب الندم، والاستغفار.
وروى أحمد، وابن ماجه عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الندم توبة.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 29785، ففيها بيان شروط التوبة.
وقد ذكرت أنك لمست من هذه المرأة صدق توبتها، فاعتبر بحالها الآن، واجتهد في نسيان ما مضى، ولا تطلقها لأجله، ولا يلزم ما ذكرت من أن من وقع في مثل هذا الذنب يتكرر منه، كما لا يلزم من تفكك أسرتها أن يكون له تأثير عليها، واحرص على الاجتهاد على تربيتها على الإيمان، وحثها على حضور مجالس العلم والخير، وربطها بالأخوات الصالحات، فالصديق يتأثر بصديقه، روى البخاري، ومسلم عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة.
وقد ترجم عليه النووي في شرح صحيح مسلم فقال: باب استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء.
وإذا صلحت فربما تفتح باب خير على أهلها، وتكون سببا في صلاحهم، ومما يعينك أيضا على تربيتها على الخير أن ترى منك القدوة الصالحة، فالغالب أن تتأثر المرأة بزوجها، وليس من حقها أن تطلب منك البقاء عندها، وترك زوجتك وأولادك، ولا تستجب لها في ذلك، وحق الزوجة والأولاد ليس منحصرا في النفقة، وراجع الفتويين رقم: 7590، ورقم: 190121.
والطلاق مباح، ويكره لغير حاجة، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 12963.
ولكن الذي ننصحك به هو أن لا تطلق زوجتك لمجرد الاعتبارات التي ذكرتها، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن الأصل في الطلاق الحظر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة. اهـ.
والله أعلم.