السؤال
هل يوجد في الإسلام وجه عدالة لهذه المسألة؟!
في البداية: أحب أن أنوه جميع من يقرأ كلامي هذا بأنه تساؤل, وليس اتهامًا, فأنا مسلم ابن عائلة مسلمة - ولله الحمد والمنة -.
في زمن قد مضى قال فيلسوف ومفكر ألماني يدعى كارل ماركس مقولته المشهورة: "الدين أفيون الشعوب".
البشر باختلافهم: الأمي - غير المتعلم - والعالم والطالب إذا ذكرت لهم مسألة في العلم قد يعارضونك فيها, ففي علم الكيمياء والأحياء وعلم الأرض وكل العلوم وضعت لها قواعد من علماء في الماضي البعيد, وعاشت أجيال وأجيال وأجيال, وجاء علماء آخرون ووضعوا قواعد جديدة, وألغيت القواعد السابقة لعدم صحتها, فالأمور العلمية قابلة للنقاش والرفض, والأمور الدينية قابلة للنقاش وليست قابلة للرفض, على سبيل المثال من الممكن أن أسألك: لماذا فرض الله الصلاة؟ فتقص علي قصة أبينا آدم عليه السلام, والمعصية التي ارتكبها: عندما أكل من الشجرة التي نهى الله عز وجل أبانا آدم عن أكلها, قال تعالى في كتابه الكريم: (( اهبِطُوا بعضُكم لبعضٍ عَدُوٌّ، ولَكُم في الأرضِ مُستقرٌّ ومَتاعٌ إلى حين)), ثم قصة الأنبياء إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم, وقصة الوحي ثم جاءت الأوامر من الله عز وجل على لسان رسوله بالأمر بالصلاة, ولكن لو قلت لك: أنا لست مقتنعًا بخمس صلوات كل يوم, فأعتقد أني سأكون إنسانًا صالحًا لن أزني أو أشرب الخمر أو أفعل سوءًا أبدًا ولكني لن أصلي أبدًا فالصلاة أمر لم يتقبله عقلي؟!
هل الصلاة قابلة للرفض؟ طبعًا لا, أما النقاش فنعم.
إذن - كما قلت في البداية - المسألة العلمية قابلة للنقاش والرفض, والمسألة الدينية قابلة للنقاش غير قابلة للرفض.
ومن هذا المنطلق أحب أن أتكلم عن شيء مهم جدًّا غاية الأهمية, كلَّفني بحثًا طويلاً, ولكنه باء بالفشل لخلو المصادر والكتب من هذه القضية.
لو تحدثنا عن عقوق الوالدين وحكمه في الإسلام سيرد عليَّ الطفل قبل البالغ بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أوصى بالأم ثلاث مرات ثم بالأب, والآية الكريمة: "فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا", ولكن دعونا نقلب القضية ونقول: العنف الأسري, فهنا قضية علمية تقول: العنف الأسري هو أكثر أسباب تعاطي المخدرات, وأول ذرائع الانغماس بالهلاك, وسبب رئيسي للعقوق والإجرام؛ مما يعني أن العنف الأسري قد يصيب الضحية بأمراض تفقده عقله أو ما شابه ذلك, بحيث يعصي أمه ويضربها, وقد يخاطبها بكلام جارح.
إذن فإن العنف الأسري هو هلاك للأمة, وفساد للمجتمع, ولا ننسى أنه مريض بسبب العنف الأسري الذي عاشه في حياته, انتهت القضية.
نحن نعلم أن الإسلام دين عدل وعدالة, فالقاتل يقتل, والزاني المحصن يرجم, وغير المحصن يجلد, وغيرها الكثير من الأحكام الشرعية التي وجدت لتحقيق العدل والعدالة بين جنس البشر في الكرة الأرضية.
إذن في موضوع عقوق الوالدين وجدنا آية وحديثًا وغيرهما الكثير الذي يحفظ حقهما, وسؤالي: هل حفظ الدين الإسلامي حقَّ كلِّ من يتعرض لعنف أسري - كحروق بالجسد, وضرب حتى النزف, كالجريح بساحة حرب - والذي لم يعطَ حضنًا دافئًا, ولا كلمة حب أو حنان لا من الأم ولا من الأب, الذي عاش ضحية في كنف من لا يرحم, هل حفظ الدين الإسلامي حق هذا الإنسان؟ إذا كان هناك حديث أو آية تحفظ حقوق مثل هؤلاء الضحايا لأب وأم مجرمين فأين هما؟ وإذا كان لا يوجد فمعناه أن كلمة "الإسلام دين عدل وعدالة" كلمة غير صحيحة, فما رأيكم - يا سادة - في هذا؟
تنبيه هام جدًّا: أرجو أن يحترم الموضوع, ويتكلم في حقوق الأبناء الذين وقعوا ضحية والديهم, ولا تتطرقوا لحقوق الوالدين أبدًا؛ لأننا نعرف ولا نحتاجها.
أرجوكم كلفني كلامي هذا شهرًا من البحث, ولكني لم أجد شيئًا, عسى الله أن يهديني ضالتي بينكم.
شكرًا.