السؤال
تقدمت لخطبة فتاة، وبعد الخطبة جاءني شخص له صلة قرابة بي، وأخبرني على لسان صديق له بأن الفتاة ليست بكرا، وأنها وقعت في الزنا مع صديق ذلك الشخص، وأخبرني بعدة شواهد كأدلة على هذا الخبر، وحينما تذكرت تلك الشواهد وجدت أن نسبة احتمال تفسيرها وفقا لذلك الخبر كبيرة جدا، ولم أجد تفسيرا آخر لها، ثم بعد ذلك نظرت إلى أفعال هذه الفتاة فوجدتها لا تتسم إلا بحياء غير حقيقي، وأفعالها تصدق هذا الخبر في قلبي، وأنا في حيرة شديدة جدا، والنار تأكل صدري، وهل أنفصل عنها ويكون كلام ذلك الشخص كذبا فيعاقبني الله بذنبها؟ أم أكمل معها وأعيش طوال فترة الخطبة في حيرة وشك إلى يوم الزفاف حتى تتضح الحقيقة، وأخشي أيضا من عمليات الترقيع المنتشرة، أو يكون ما وقع بينها وبينه ليس بزنا كامل، وأخشي إن اكتشفت يوم الزفاف أنها ليست بكرا أن أظهر الحقيقة لأمها وأبيها وأطلقها فورا، وبذلك يكون قد افتضح أمرها للناس، أو أستر عليها وأعيش في شك ونار.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام في أعراض المؤمنين من أعظم الأمور وأخطرها، وقد شدد الشرع في ذلك أيما تشديد، وخاصة إن كان الأمر يتعلق بفاحشة الزنا، فلا يثبت الزنا إلا بشهادة أربعة رجال عدول يصفون حدوثه ورؤيتهم له في وقت واحد ومكان واحد، ونحو ذلك من التفاصيل التي ينتفي معها اللبس، ومن رمى مسلما بالفاحشة من غير بينة قد أمر الشرع بجلده وحكم عليه بالفسق ورد شهادته، قال تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون {النور:4}.
وكل هذا من أجل صيانة الأعراض والحفاظ على طهارة المجتمع، فالواجب عليك أن تنصح الشاب الذي أخبرك عن تلك الفتاة بالسوء أن يتقي الله، ويكف عن أعراض المسلمين، ويتوب إلى الله من هذا المنكر العظيم، واعتبر حال هذه الفتاة الآن، فإن تبين أنها مستقيمة على طاعة الله تعالى، فأكمل زواجك منها، ولو قدر أن اطلعت بعد الزواج على زوال بكارتها، فالبكارة لا يلزم أن يكون الزنا سبب زوالها، فإنها قد تزول بسبب الحيض أو وثبة ونحو ذلك، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: زوال البكارة من المرأة، لا يعني أنها كانت فاسدة، إذ قد يكون زوال بكارتها لسبب غير الجماع كعادتها هي، أو سقوطها، أو قفزتها، أو ما أشبه ذلك، وليس مع ذلك أنني أفتح بابا للفتيات بالعبث، ولكنني أريد أن أزيل شبهة تقع للزوج في مثل هذه الحال. اهـ.
وفي نهاية المطاف إن استولت عليك الوساوس، وخشيت أن تؤثر على مستقبل حياتك معها، فقد يكون الأفضل ترك الأمر وفسخ الخطبة، فهذا أهون من إتمام الزواج وحصول المشاكل والفراق بعده، والخطبة مواعدة بين الطرفين يحق لأي منهما فسخها، وانظر الفتوى رقم: 18857.
والله أعلم.