التيئيس من التوبة والمغفرة مصيدة الشيطان

0 126

السؤال

هل تقبل توبة وندم عباد الشيطان أم لا ؟ وهل المطرودون من رحمة الله تقبل لهم توبه أم لا ؟ وإذا تقبل توبتهم - إن شاء الله -
يريد التائب أن يفعل شيئا كبيرا لله سبحانه وتعالى حتى يمسح له ذنوبه، ويغفر له إن شاء الله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فاعلم أخي السائل أن الله تعالى يقبل توبة الكافر إذا تاب مهما كان كفره، سواء كان من عبدة الشيطان، أو كان كفره بغير ذلك، فكيف إذا كان مسلما ولكن أغواه الشيطان، ومن تلبيس الشيطان على العبد أن يصور له أنه مطرود من رحمة الله، وأن الله تعالى لن يغفر له، وقد قال سبحانه: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين {الأنفال: 38}

قال القرطبي: قال ابن العربي: هذه لطيفة من الله سبحانه من بها على الخلق، وذلك أن الكفار يقتحمون الكفر والجرائم، ويرتكبون المعاصي والمآثم، فلو كان ذلك يوجب مؤاخذة لهم لما استدركوا أبدا توبة ولا نالتهم مغفرة. فيسر الله تعالى عليهم قبول التوبة عند الإنابة، وبذل المغفرة بالإسلام، وهدم جميع ما تقدم، ليكون ذلك أقرب لدخولهم في الدين ... اهـــ .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الإسلام يجب ما كان قبله .. رواه أحمد.

وفي مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني . اهــ
وقال سبحانه وتعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا... الآية [الزمر:53]، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن ناسا، من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله [الزمر: 53]

وليجتهد العبد التائب في الإكثار من الحسنات بفعل ما يستطيع من الطاعات والإكثار منها، وإن أفضل الأعمال المحافظة على الصلاة وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله، ففي الصحيحين من حديث عبد الله قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله .
كما أن أحب الأعمال إلى الله تعالى المداومة على العمل الصالح وعدم قطعه، ولو كان العمل يسيرا، فقد جاء في حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أحب إلى الله؟ قال: أدومه وإن قل رواه مسلم .
وليحرص أيضا على فعل الوسائل التي تعينه على الثبات على التوبة، ومن أهم تلك الوسائل: دعاء الله تبارك وتعالى, والالتجاء إليه, فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه يقلبها كيف يشاء، ومنها: الاجتهاد في تعلم العلم الشرعي وحضور مجالس الذكر وحلق العلم، ومنها: صحبة الصالحين الأخيار الذين يعينون على الطاعة ويحملون عليها .
 والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات