السؤال
في معالجة قضايا متجذرة في المجتمع، نستعمل سنة التدرج الربانية، فمثلا في عرفنا الفاسد، تجد كثيرا من النساء والله يستحيين -صدقوني والله يستحين- أن يلبسن الخمار قدام الأجنبي الذي اعتدن عليه، وتربين معه، ولا شك أن هذا حرام.
فهل يجوز لخلع هذه العادة القبيحة مثلا، التدرج معهن كالتالي:
1- ما كان محرما قطعا وإجماعا، فلا تساهل فيه ككشف شعر الرأس، أو الصدر، فهذا يجب إنكاره فورا.
2- وما كان فيه خلاف ولو ضعيفا، فمثلا تجد النسوة يكشفن أذرعهن عند مباشرة أعمال البيت، فهذا قال به أئمة فقهاء، وله وجه من حيث الحرج. فهذا نسكت عليه، ولا ننكره، مع الدعوة والنصح.
فما قولكم عموما، وخصوصا هذه المسألة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعلى وجه الإجمال يمكن تصويب الأسلوب الذي ذكره السائل، فإن الحكمة في الدعوة إلى الله تقتضي تدرج الداعي مع المدعو ومراعاة حاله، وأن يبدأ بالأهم فالمهم، وأن يسكت عن بعض المنكرات التي يقع فيها المدعو حتى يتهيأ الظرف والوقت المناسب للبيان، وفي ذلك، فلا يجوز له أن يحل حراما، أو يغير حكما، وإنما يراعي التدرج والرفق بالمدعو، دون تحريف لأحكام الشريعة. قال الشيخ ابن عثيمين: تأخير إنكار المنكر قد يكون من باب استعمال الحكمة في الدعوة إلى الله، فقد يكون هذا الرجل الفاعل للمنكر لا يناسب أن ننكر عليه في هذا الوقت بالذات، لكن سأحتفظ لنفسي بحق الإنكار عليه، ودعوته إلى الحق في وقت يكون أنسب، وهذا في الحقيقة طريق صحيح، فإن هذا الدين -كما نعلم جميعا- بدأ بالتدرج شيئا فشيئا، فأقر الناس على ما كانوا يفعلونه من أمور كانت في النهاية حراما من أجل المصلحة، فهذه الخمر مثلا بين الله تعالى لعباده أن فيها إثما كبيرا ومنافع للناس، وأن إثمها أكبر من نفعها، وبقي الناس عليها حتى نزلت آخر آية فيها تحرمها بتاتا، فإذا رأى إنسان من المصلحة أن لا يدعو هذا الرجل في هذا الوقت، أو في هذا المكان، ويؤخر دعوته في وقت آخر، أو في مكان آخر؛ لأنه يرى أن ذلك أصلح أو أنفع، فهذا لا بأس به. اهـ. (من كتاب الصحوة الإسلامية، ضوابط وتوجيهات).
وراجع لمزيد التفصيل في هذا الموضوع، الفتاوى التالية أرقامها: 176785، 289756، 129094، 65863.
والله أعلم.