السؤال
بعت سلعة قبل قبضها ثم فسخت العقد، لأنني غيرت رأيي، ثم بعد قبضها قمت ببيعها لشخص آخر، فهل تتحول الملكية في البيع إذا لم تقبض السلعة من البائع؟ وهل بيعي الثاني يعتبر صحيحا أم بعت ما لا أملك؟ وفي حالة ما إذا اشتريت سلعة من شخص لم يقبضها وعندما قبضتها كانت سليمة، فهل في هذه الحالة يكون لي الحق في الاستفادة منها أم يجب إعادة عقد البيع؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كانت تلك السلعة التي بعتها قبل قبضها طعاما، فقد أحسنت في إرجاعها، لأنه لا يصح بيع الطعام قبل قبضه، وإن كانت سلعة أخرى غير الطعام، فإن من العلماء من يجيز بيع غير الطعام قبل قبضه، والمرجح عندنا أنه لا يباع شيء قبل قبضه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن بيع الطعام قبل قبضه ـ قال: ولا أحسب كل شيء إلا بمنزلة الطعام.
وانظر الفتوى رقم: 134730.
وقد نص الفقهاء على عدم صحة البيع، للنهي الوارد، قال صاحب الروض: ولم يصح تصرفه فيه ببيع أو هبة أو إجارة أو رهن أو حوالة حتى يقبضه، لقوله صلى الله عليه وسلم: من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يستوفيه ـ متفق عليه. اهـ.
وعلى هذا القول، فإن بيعك الأول لم يصح، ولم تنتقل به الملكية للمشتري، وقد أحسنت صنعا بإلغاء الصفقة.
وأما سؤالك عما إذا كنت اشتريت سلعة من شخص لم يقبضها: فالأمر كما ذكرنا من أن البيع لا يصح، ومادمت علمت أن البائع باعها لك قبل أن يقبضها، فإنه يلزمك رد السلعة وإخبار البائع بعدم صحة البيع وتعقد معه عقدا جديدا بعد قبضه لها، وإن أذن لك في الاستفادة منها قبل أن يقبض هو السلعة، فليس له ذلك، لأنه لا يملكها إلا بالقبض، ومادام لم يقبضها لم يصح له أن يعيرها، إذ من شروط صحة الإعارة أن يكون المعير مالكا أو مأذونا له في الإعارة، جاء في الموسوعة الفقهية في بيان أركان الإعارة: المعير: ويشترط فيه أن يكون مالكا للتصرف في الشيء المعار، مختارا يصح تبرعه، فلا تصح إعارة مكره، ولا محجور عليه، ولا إعارة من يملك الانتفاع دون المنفعة. اهـ.
والله أعلم.