السؤال
هناك حديث يقول إنه في أثناء وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، شعر بسكرات الموت، وقال: إن للموت لسكرات، وطلب من ملك الموت أن يرفق به، فنزل عليه ملك من السماء وقال: يا محمد إن السلام يقرئك السلام، ويقول لك: إنه خفف عنك بضعا وعشرين سكرة، وكل سكرة كتقطيع السيوف، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصارع الموت: اللهم شدد علي سكرات الموت وخفف عن أمتي، وأعادها ثلاثا. فما صحة هذا الحديث؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما حضرته الوفاة، كان بين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات، ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده.
وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك وعكا شديدا، فقلت: يا رسول الله! إنك لتوعك وعكا شديدا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت: بأن لك أجرين؟ قال: نعم، ثم قال: ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا حط الله -عز وجل عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها.
وفي البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: لما ثقل النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل يتغشاه، فقالت فاطمة -رضي الله عنها-: واكرب أباه. فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: ليس على أبيك كرب بعد اليوم. فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه في جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة -رضي الله عنها-: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟
أما ما ذكره السائل من طلب النبي -صلى الله عليه وسلم- من ملك الموت أن يرفق به، فلم نقف عليه في شيء من كتب السنة الكثيرة، وما نظن أنه ثابت، إذ لو ثبت لنقل من وجه ما، فإن توفر الدواعي إلى نقله كثيرة، ومما يبعد احتمال ثبوته أنه لا وسيلة لنقل الغيب إلا ما ثبت عن طريقه صلى الله عليه وسلم، ومن كان مكابدا سكرات الموت، ليس فارغ البال حتى يقص على الناس ما جرى بينه وبين ملك الموت.
والله أعلم.