السؤال
أنا أم ولي طفلان، أحس بالإيمان في قلبي، ولكنني دائما مشغولة، ولكنني والحمد لله أصلي الصلاة بوقتها، كنت قبل زواجي أحب القراءة الدينية كثيرا، أما الآن لا أعرف ما حدث لي، وهذا ليس ذنب زوجي والعياذ بالله، فإنه رجل تقي يقرأ القرآن يوميا، أعانه الله، ولكني لا أعرف ما الذي أنا فيه! ونادمة على ذلك أشد الندم. فهل هذا لهو الحياة؟
أفيدوني أفادكم الله، كيف أربي أولادي من غير عصبية، فأنا شديدة العصبية؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن خدمة الزوج وطاعته، وتربية الأبناء ورعايتهم عمل صالح، وواجب عظيم، وليس هو من لهو الحياة، بل إن احتسبت المرأة وقتها وجهدها كان لها من وراء ذلك ثواب كبير.
وليس معنى ذلك أن تنشغل برعاية بيتها عن طلب العلم، لا سيما ما يجب عليها تعلمه من أمور دينها، بل تجعل لذلك وقتا ولو قليلا، بحيث لا تترك التفقه في دينها، ولا تترك أعمالها وأولادها.
ويمكنها أن تستعين على ذلك - مثلا - بوضع جهاز تسجيل خاص للمطبخ تستمع من خلاله إلى إذاعة القرآن الكريم، أو بعض الأشرطة المفيدة كالمحاضرات والدروس والخطب أثناء انشغالها في المطبخ.
وعليها في كل ذلك بطلب الاستعانة والتوفيق من الله عز وجل، فإذا أعان الله العبد على أولاده وعمله، وسدده ووفقه أفلح وأنجح، وإن خذل ووكل إلى نفسه كان العذاب والشقاء، كما قيل:
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
واستعيني بما أرشد به النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها، عندما جاءته فسألته خادما تستعين به على أعمال البيت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك ما هو خير لك منه، تسبحين الله عند منامك ثلاثا وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين، وتكبرين الله أربعا وثلاثين. رواه البخاري.
أما بالنسبة لعصبيتك وانفعالك على أولادك، فعليك في ذلك بمجاهدة نفسك، فإنما الحلم بالتحلم. قيل للأحنف بن قيس: ما الحلم؟ قال: أن تصبر على ما تكره قليلا.
كما عليك بالاستعاذة عند الانفعال والغضب، فعن سلمان بن صرد قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان، فاحمر وجه أحدهما، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. رواه البخاري.
فهوني على نفسك، وارحمي فلذة كبدك إذا أخطأ خطأ يسيرا: سكب العصير، علا صوته، لعب في بيته، وقعت اللقمة من فمه، نقص درجة في اختبار، تشاجر مع أخته أو أخيه. كلها أمور يمكن علاجها بهدوء بدون صراخ أو تهديد.
وتذكري دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. رواه ابن حبان.
هداك الله، وأعانك، وأصلح بالك.
والله أعلم.