السؤال
أحب أن أعمل خيرا، وأفرح به، وأشعر بسعادة داخلية تدوم فترة عند إخراج صدقة مثلا، أو مساعدة أحد، وأحاول أن أتكتم على الخير حتى عن أقرب الناس، ولكنني أحيانا أحدث به شخصا مثل زوجتي أو أمي مثلا، وأشعر بفرحة عندما أقول إنني فعلت هذا، فهل هذا رياء؟ وهل ضاع ثوابي، لأنه دائما يخيل إلي أن ما أعمله غير مقبول، لأنني أفرح به، وأخاف من الكبر والرياء..؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد الإحساس بالفرح والشعور بالسعادة عندما تعمل معروفا لا ينافي الإخلاص إذا لم يقصد الرياء أو العجب، بل إن الفرح بهذه الطاعة دليل على قوة الإيمان وكماله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن. رواه الترمذي في سننه، وصححه الشيخ الألباني.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: من سرته حسنته ـ أي إذا وقعت منه: وساءته سيئته ـ أي أحزنته إذا صدرت عنه: فذلكم المؤمن ـ أي الكامل، لأن المنافق حيث لا يؤمن بيوم القيامة استوت عنده الحسنة والسيئة، وقد قال الله تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة. انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير: من سرته حسنته لكونه راجيا ثوابها موقنا بنفعها: وساءته سيئته فهو مؤمن ـ أي كامل الإيمان، لأن من لا يرى للحسنة فائدة ولا للمعصية آفة، فذلك يكون من استحكام الغفلة على قلبه فإيمانه ناقص، بل ذلك يدل على استهانته بالدين، فإنه يهون عظيما ويغفل عما لا يغفل الله عنه. انتهى.
وليس في إخبار الوالدين والزوجة أو القريب بما عملت رياء مادامت النية في الأصل هي مرضاة الله، ولم تقصد طلب ثنائهم وحمدهم، ومع ذلك نحث السائل الكريم على إسرار عمله إذا لم تدع مصلحة شرعية لإعلانه، لأن الإخلاص عزيز، وربما انحرفت نيته، فيصير همه من العمل إرضاء والديه أو الأقارب وطلب محمدتهم، لما يرى من سرورهم، وينسى أن المقصود إرضاء الله تعالى، ولما جهر ابن حذافة بالقراءة في الصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا ابن حذافة لا تسمعني وأسمع ربك عز وجل.. أخرجه أحمد وابن أبي خيثمة، وقال الحافظ: سنده حسن.
وراجع في شأن العجب والرياء وما يترتب عليه الفتويين رقم: 10992، ورقم: 126183.
والله أعلم.