السؤال
أنا وزوجتي تشاجرنا كثيرا وكانت تشتمني.. وبعد عدة أشهر من المشاجرات والمصالحات سألتها هل تعنين كل الكلام الذي قلته وحلفتها بالله أن تقول الحق، فقالت والله لن أجيبك، فقلت لها لا يجوز هذا الشيء، لأن من حقي أن أعرف، لأن الكلام عني، وبرفضك تدعين الشك يدخل قلبي أنك كنت تقصدينه وتزرعين الكره لك في قلبي، فأصرت على حلفها، فهل صحيح ما فعلته؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف، ومن المعاشرة بالمعروف أن يحترم كل منهما صاحبه، فلا يجوز لأحدهما أن يهين الآخر أو يسبه أو يشتمه بغير حق، ولا سيما الزوجة، فإن حق زوجها عليها عظيم، وراجع الفتوى رقم: 38571.
وقد كان ينبغي عليك أن تبين لزوجتك وجوب معاشرتك بالمعروف، وعدم جواز شتمك وسبك، والذي يظهر لنا أنه لم يكن لك أن تسألها إخبارك بما قصدته بالشتم والسب لعدم ظهور المصلحة فيه، لكن مع ذلك فقد كان ينبغي عليها أن تبر قسمك، فإذا لم تخبرك بما أردت فعليك كفارة يمين، وإذا أخبرتك فعليها كفارة يمين، والمهم أن ترجع الزوجة إلى المعاشرة بالمعروف، وتقلع عن الشتم والسباب، وعلى أية حال فلا ينبغي أن يبغض الزوج زوجته لسوء خلقها في جانب مادامت صالحة في جوانب أخرى، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضى منها آخر. صحيح مسلم.
قال النووي رحمه الله: أي ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك. اهـ.
وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله: والصبر على لسان النساء مما يمتحن به الأولياء.
واحذر أن يكون كلام زوجتك وشتمها لك بسبب ظلمك وإيذائك لها بغير حق، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن الحكم في امرأة تسب زوجها وأقارب زوجها عندما تغضب ما الحكم في ذلك مأجورين؟ فأجاب رحمه الله تعالى: الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فتنتفخ أوداجه ويحمر وجهه وعيونه وربما يضيع، فلا يحسن أن يتصرف بالقول أو بالفعل ولهذا كان القول الراجح أن من طلق عن غضب لا يملك به نفسه فإن طلاقه لا يقع وهكذا هذه الزوجة التي تسب زوجها وأقاربه في ظني أنه لا يحملها على ذلك إلا الغضب الذي يثيره زوجها وإلا فلا يعقل أن امرأة في هدوء ورضا مع الزوج تقوم تسبه وتسب أقاربه أمه وأباه وأخته وأخاه هذا بعيد لكن يظهر أن الزوج أغضبها حتى صارت تسبه وتسب أقاربه وبهذه المناسبة أحذر الأزواج من التطاول على الزوجات بغير حق، لأن الله تعالى حذر من ذلك فقال: فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا {النساء: من الآية34}.
والله أعلم.