السؤال
هذا الأمر بيني وبين زوجتي من حوالي 4 سنوات وبعد حياة زوجية مملوءة بالخلافات الزوجية .. وكانت الخلافات عن طريق مباشر أو غير مباشر بسبب أهلها، فأمرتها أن لا تدخل أحدا من أهلها إلى منزلي، ولكنها أدخلت أختها، فكان خلاف بيننا، ثم أمرتها أن لا تعاود الكرة، فأدخلت أختها مرة أخرى، فكان مني حلف بالطلاق إن أدخلت أحدا منهم فهي لا تلزمني [ ولكن لا أستطيع أن أجزم إن كان هذا تهديدا لها لأنها لم تطع أمري، أم أني أعني ما قلت، فإنه مضى على هذا الموضوع 4 سنوات] فكانت طوع أمري طوال هذه السنوات، أريد الرجوع عن هذا الحلف وأدخلهم منزلي، حيث إنهم -أي أهلها- لم يتدخلوا في أمورنا بعدها أبدا.
هل هذا طلاق أخير أم ماذا؟
أرجو أن تجيبني بالله عليك ((بنعم طلاق أم لا ))
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنظر والتأمل في هذا الحلف وملابساته نجد أن الحامل عليه أو الداعي له هو تدخل أهل الزوجة في أمور الزوج وزوجته، ولهذا السبب حلف عليها بالطلاق إن أدخلت أحدا منهم بيته. وعليه، فإن هذا الزوج لا يحنث ولا يقع على زوجته طلاق إذا زال السبب المحلوف عليه وهو تدخل أهلها في شؤون بيته إذا دخلوا بيته بعد ذلك، وسمحت لهم زوجته بالدخول. وهذا السبب هو المسمى عند علماء المالكية ببساط اليمين؛ وتعريفه: أنه هو السبب الحامل على اليمين، أو المهيج لليمين.
وجاء في شراح مختصر الشيخ خليل المالكي عند قوله: ثم بساط يمينه... ثم إن عدمت النية أو لم تضبط، خصص اليمين وقيد بالبساط، وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية وليس هو انتقالا عنها، ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا فوجد عليه الزحام، فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم، وبعد قليل خفت الزحمة أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه فاشتراه، فإنه لا يحنث؛ لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام وقد زال.
وقال ابن عبد البر في الكافي: الأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر في بساط قصته وما أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ، بعد أن ذكر أقوال العلماء ونقل نصوصهم الدالة على اعتبار البساط. قال رحمه الله تعالى: والمقصود أن النية تؤثر في اليمين تخصيصا وتعميما، والسبب يقوم مقامها عند عدمها، ويدل عليها فيؤثر ما تؤثره، وهذا هو الذي يتعين الإفتاء به...
وبساط اليمين يجري في جميع الأيمان سواء كانت بالله تعالى أو بطلاق أو عتاق.
وبناء على ما تقدم، فإن الطلاق لا يقع إذا زال سبب الحلف به الذي هو الحامل عليه أصلا.
والله أعلم.