السؤال
شيوخي الأعزاء: أنا شاب تونسي، لدي شركة تصدير وتوريد جديدة. وتمكنت بفضل الله بعد عمل منهك جدا، وطويل جدا بمساعدة صديق فرنسي، من العثور على حرفاء كبار جدا من أوروبا، مهتمين بمنتجاتي، ويريدون إبرام عقود عمل مع شركتي، وهذا فضل كبير من الله سبحانه؛ لأن الوصول إلى إبرام اتفاقات مع هذه الشركات الضخمة هو حلم كل شركة في العالم؛ إذ لا يمكن تحقيق هذا بسهولة.
وفي عرف التجارة الدولية، فإنه طبيعي وعادي ألا تدفع هذه الشركات سعر ما تشتريه مني مباشرة، وإنما بعد مدة تصل إلى الشهر، ولهذا فإنني ملزم بالتعامل مع بنوك تشتري لي المواد الأولية، حتى أبيعها لهؤلاء الحرفاء الكبار، ثم عندما يدفعون لي، أدفع للبنك الذي يأخذ طبعا هامشا من الأرباح.
مشكلتي أن البنوك الإسلامية، وحتى غير الإسلامية في تونس، تطلب رهنا كبيرا مقابل تمويلي، وهذا أمر يتجاوز قدراتي المادية، غير أن البنوك الفرنسية مستعدة للعمل معي وتمويلي دون أي رهن، خصوصا بعد أن عرفوا زبائني الكبار، وهذه بنوك تقليدية وليست إسلامية.
معضلتي الكبرى أنني إن لم أجد التمويل اللازم لتوفير الطلبيات الكبيرة التي سوف يطلبها حرفائي، فإنني سوف أخسرهم نهائيا، وسوف يضيع الجهد الكبير الذي قمنا به، خصوصا صديقي الفرنسي الذي يعمل مدير تسويق في شركتي، وينال نسبة عن الطلبيات التي سيطلبها هؤلاء الحرفاء باعتباره هو من أوجدهم لنا، إن لم أستطع تمويل هذه الطلبيات، سوف أخسر، وسوف يخسر صديقي الفرنسي معي، علما أنني بذلت كل ما هو ممكن للبحث عن مصدر تمويل شرعي من البنوك الإسلامية للشركاء. ويعلم الله وحده كيف كافحت من أجل المال الحلال. لكن الله لم يشأ إلا أن يغلق هذه الأبواب كلها، حتى وجدتني أمام حل البنوك الفرنسية لا غير، والوقت يضغط علي بشدة؛ لأن طلبيات حرفائي على الأبواب.
فهل يجوز لي التعامل مع هذه البنوك حتى أقف على رجلي، وأستطيع تدبر جهات تمويل أخرى شرعية، أم علي أن أستسلم وأرضى بهذه الخسارة الفادحة؟
إن وضعي هذا يثير في نفسي حسرة شديدة، وحزنا عميقا، وحرجا كبيرا، ولم أجد إلا أن أراسلكم طلبا لفتوى منكم، علما أنني نويت من قبل أن أجد نفسي في هذه المعضلة أن أخصص نسبة من أرباح شركتي لإنشاء منظمة خيرية تساعد شباب جهتي على بدء مشاريع خاصة بهم، من خلال تمويلهم بقروض حسنة، وإنقاذهم من التعامل مع البنوك الربوية. لكنني وجدت نفسي في وضعية ملزم فيها أنا نفسي بأن أتعامل مع البنوك الربوية، أو أخسر كل شيء، علما وأن علي ديونا يجب أن أسددها في أقرب وقت ممكن. وما أقول إلا حسبي الله، توكلت عليه، ورضيت بما قدره لي.