السؤال
تزوجت منذ عامين من فتاة تونسية، ويوم الزواج لم أجد غشاء البكارة، وهي أقسمت كثيرا أنها عذراء، وأخرجت من شنطتها شهادة تفيد أنها عذراء، مختومة من أطباء في تونس، وأنا لا أعلم شيئا عن هذه الشهادة؛ ومما زاد من شكي إتيانها بهذه الشهادة قبل الزواج بأيام دون علمي، وبعد رجوعي لمصر ذهبت إلى طبيبة، وقالت: إن الغشاء مطاطي، ولا يمكن فضه إلا بعملية، وقلت: من الممكن أن أكون ظلمتها، وحملت بعد ذلك بطفل، وعند الكشف مرة أخرى سألت طبيبة أخرى لتكشف عليها، فقالت: إنها ليست بكرا، فرجعت إلى الشك فيها من جديد؛ لأنه لو كان الغشاء مطاطيا فلا يفض إلا بعملية، مع العلم أني من يوم الزواج لا أحس معها بأية متعة في العلاقة الزوجية، وغير سعيد معها، ومعي طفل منها، واكتشفت بعد الزواج أن أخاها الصغير يشرب الخمر، وهي ساكنة معي في مصر، وكل أهلها في تونس، وتذهب إليهم كل عام للزيارة، وأنا فعلا تسرعت في هذا الزواج، ولا أعلم ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الأصل في المسلم سلامته من كل ما يشينه، والواجب أن يحسن به الظن حتى يتبين خلاف ذلك، فالله عز وجل يقول: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم... {الحجرات:12}، فشكك في زوجتك بسبب زوال غشاء بكارتها ليس في محله، فقد ذكر العلماء أن هنالك عدة أسباب يمكن أن تزول بها البكارة غير الوطء، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: زوال البكارة من المرأة، لا يعني أنها كانت فاسدة؛ إذ قد يكون زوال بكارتها لسبب غير الجماع، كعادتها هي، أو سقوطها، أو قفزتها، أو ما أشبه ذلك، وليس معنى ذلك أنني أفتح بابا للفتيات بالعبث، ولكنني أريد أن أزيل شبهة تقع للزوج في مثل هذه الحال. اهـ.
فوصيتنا لك أن تقطع على نفسك هذه الوساوس، ولا تدع للشيطان فرصة ليفسد حياتكم الزوجية، ويشتت شمل الأسرة - خاصة وقد رزقتما ولدا - فذلك مما يتنافى مع مقاصد الشرع في الزواج، قال الله سبحانه: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون {الروم:21}، وقد ترجم النووي في صحيح مسلم: (باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس ـ فينبغي التنبه لهذا، والعمل بعكس مقصود الشيطان). وتحته حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ـ قال ـ: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.
فلتمسك عليك زوجك، وتحسن عشرتها، وأن تتوب إلى ربك مما قمت به من عرضها للطبيبة؛ للكشف عن بكارتها، فليس هذا من حقك.
ولعلك إذا طردت عن نفسك هذه الخواطر أن ينتفي ما تحس به من عدم المتعة بها، وعدم السعادة معها في حياتك الزوجية -أصلح الله حالكم، وأشاع المحبة بينكم، وأسعد كلا منكما بالآخر-.
والله أعلم.