السؤال
كتب جدي منذ عامين منزله لبناته الأربع، على شكل بيع وشراء؛ لأن خالي عاق لأبيه وأمه، ولا يحترمهما، ويبيع أشياء المنزل دون الرجوع لهما.
ثلاث من خالاتي متزوجات، وواحدة مطلقة، ولديها طفلان لا يصرف أبوهما عليهما، وجدي يتكفل بهما من معاشه.
حدث خلاف بين جدي وخالي، فهو متضايق من وجود الطفلين، ولا يريدهما في المنزل، وليس لديهما مكان آخر.
حزن جدي لما يفعله، وقام بطرده، ولكنه لم يخرج، وتهجم على جدي بالسب والمشاجرة.
وللأسف أمي أيضا وقفت معه، وقامت بضرب جدي على صدره، وطلب جدي له الشرطة، وأخرجه من المنزل، وقال لأمي إنه لا يريد أن يراها.
حاولت مع أمي لإرضاء أبويها، ولكن أمي كابرت عن مصالحتهما والاعتذار منهما؛ فخاف جدي على خالتي المطلقة بأن يقوم خالي وأمي بطردها، أو مضايقتها بعد وفاته، فقام ببيع المنزل لشخص، ثم قام هذا الشخص ببيعه لخالاتي، وتم تسجيله في المحكمة حتى لا يهين خالي وأمي، بقية خالاتي في المحاكم بعد وفاته، على أساس أنه عقد نيته منعهما من الميراث، وجدي كان دائما يرددها أن نيته ليست حرمانهما، ولكنه خائف على خالتي وابنتها وابنها من المشاكل والتشرد.
جميع خالاتي كانت لهن الحرية في التصرف، حتى إنهن قمن بتأجير شقة.
توفي جدي البارحة، وأنا خائفة كثيرا عليه.
فهل يجوز ما فعله أم لا؟ وإذا كان لا يجوز. فما الحل، علما بأن جدي كان لا يملك غير هذا المنزل، ومعاشه فقط؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: لا شك في تحريم وقبح ما فعله خالك ووالدتك من عقوق والديهما. وإذا كان التأفيف منهيا عنه، وعقوقا، فكيف بضرب الوالد الكبير في صدره! فإنا لله، وإنا إليه راجعون.
وليعلما أن الجزاء من جنس العمل، وأن المرء كما يدين يدان، كما جاء في الحديث الذي رواه البيهقي مرسلا: البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا يموت. فكن كما شئت، كما تدين تدان.
والواجب عليهما فورا التوبة إلى الله تعالى من ذلك.
وأما بيع الجد البيت لشخص، ثم بيع هذا الشخص البيت لخالاتك. فإن كان المقصود أنه بيع حقيقي، تم فيه البيع بشروطه. فالبيت يكون لمن اشتراه، ولا حق لبقية الورثة فيه، وإنما يرثون ثمنه لو كان موجودا.
وأما إن كان بيعا صوريا، فهو في الحقيقة هبة، والعبرة بالحقائق والمعاني، لا بالألفاظ والمباني، فيكون البيت هبة من الجد لخالاتك، وينظر فيها هل وهبهن البيت وهو في غير مرض مخوف، ومات بعد استلامهن البيت، فتكون الهبة حينئذ قد تمت، ولا حق للورثة في البيت، أم أنه وهبهن البيت في مرض مخوف، فتكون الهبة حينئذ في معنى الوصية، ويكون البيت لجميع الورثة.
والنظر في هذا يحتاج إلى مشافهة أهل العلم بالمسألة، وسماع جميع الأطراف. وإن حصل خلاف، فلا مناص من رفع الأمر للمحكمة الشرعية، وانظر الفتوى رقم: 355237 عن العقد الصوري الذي لا يقصد حقيقته، والفتوى رقم: 295504 فيمن كتب عقد بيع شقته لابنته، والفتوى رقم: 290998.
والله تعالى أعلم.