السؤال
أريد أن أعرض عليكم مشكلتي، التي تنغص حياتي وتؤرقني، وتجعلني في ضياع وتفكير مستمر لا يتركني أنام. وفي بعد عن ربي، ولم أكن كذلك من قبل.
أنا فتاة في 27 من عمري، كنت منذ صغري محجبة ومحتشمة بلباسي، وحافظة لكتاب الله، وملتزمة بصلاتي، وبحلقات العلم، ولم أحدث في عمري شابا، ولم أسمح لأحد في يوم أن يتكلم معي، ولا أسمح حتى لصديقاتي بالتكلم بهذه الأمور والمحرمات. وكانت قاعدتي أن الطيبين للطيبات، ويجب أن أكون عفيفة طاهرة؛ ليكون زوجي كذلك. وكنت كذلك والحمد لله بشهادة كل من حولي، ومحط احترام وتقدير الجميع من حولي، ولم يشأ الله لي الزواج لأسباب عائلية.
بالإضافة إلى أنني كنت أعلم أنني عاطفية جدا، وأحب وأتعلق بسرعة؛ لذلك كنت أوجه هذه المحبة لمعلماتي في الدين، ولا أقترب من الشباب أبدا.
ووقعت مرة في مشكلة عائلية اضطررت فيها للجوء لصديق للعائلة، وكان هو في بلد وأنا في بلد آخر. ولله الحمد لم نجتمع أبدا في بلد واحد.
ساعدني كثيرا، وتحملني كثيرا، وكنا نتكلم بمنتهى الاحترام، ولا نخرج عن الحدود، وكنت أنا في وضع نفسي سيئ، ومنهارة عاطفيا ونفسيا بسبب صدمة تعرضت لها، ومع الوقت تعلقت به دون أن نتكلم بأي شيء، ولكني أحسبه كان يشعر بتعلقي به؛ لأنه فجأة طلب أن يراني، وأصبح يطلب أشياء أخرى على المكالمة. وأنا لشدة تعلقي به، ولا أدري كيف لبيت طلباته، ورأى مني ما رأى دون أن نجتمع في مكان واحد.
لا أبرر لنفسي خطأها، ولكني كنت أخاف أن أفقده، ودام هذا الأمر لأسبوع. ومن ثم قال لي نحن يجب أن نتوقف عن الكلام؛ فأنت طاهرة نقية كمريم، ولم أرد الخطأ معك، ولكن ضعفت إرادتي، ولا أمل لنا أن نرتبط، فكل منا في بلد، وأنا الآن أبحث عن زوجة في بلدي.
بعد أول خطأ انهرت، وكاد يقتلني تأنيب الضمير: كيف فعلت ذلك، ولكني لم أكن قادرة على التوقف. وبعد كلامه هذا توقفنا قرابة شهرين عن الكلام، وندمت وطلبت من ربي أن يغفر لي، ويعفني عن الحرام. ولكنني ضعفت وعدت لكلامه، ظنا مني أن إرادتي قوية ولن أضعف أمامه، ولكني عدت لأضعف أمامه، ولم أستطع مقاومة طلبه، ودام ذلك لأسبوع، ثم قرر هو أن يتوب، وقد وجد فتاة ليخطبها في بلده، وأنه لا يريد أن يتعلق بي، وتختلط مشاعره.
يعلم الله أني دعوت ربي كثيرا، وبكيت كثيرا؛ ليقويني، ويقوي إرادتي، ويكبح عواطفي ومشاعري؛ لأني لا أستطيع التحكم بها، وأنا فقط كنت أريد الكلام معه، ولا أريد المحرمات، وأعلم أن كلامي معه حرام، ولكني تعلقت به.
ودعوت ربي أن يرسل لي الزوج الصالح الذي يصونني ويعفني، وتستقر معه نفسي، ولم أعد أكلم ذلك الشاب، وفعلا جاءني خاطب، وظننت أن ربي استجاب دعائي، ولكن لم تستمر الأمور ولم يتم الأمر.
سؤالي لكم: أشعر أن الله لم ولن يقبل توبتي؛ لأنني لست من توقف عن الذنب، بل لم أعد أستطيع فعل الذنب، ولا أن أكلمه؛ لأنه لا يريد أن يكلمني. وأنني لو أرسلت له لن يرد علي، أشعر أني منافقة، وأكذب على نفسي في توبتي؛ لأني لم أقلع عن الذنب بإرادتي، فإرادتي كانت ضعيفة. وكلما حاولت أن أقنع نفسي أني سأكلمه ولن أقع في الخطأ؛ لأنني تبت وأختبر توبتي، أفشل.
فهل يقبل الله توبتي ولو لم أكن أنا من أقلع عن الذنب، بل لم أعد أستطع فعله؟
وهل لأنني ارتكبت هذا الخطأ لن يأتيني الزوج الصالح، أو أني لن أتزوج، فمن تعجل شيئا قبل أوانه، عوقب بحرمانه؟
هل ما حدث معي في الخاطب الذي جاءني ولم يتم الأمر عقاب من الله؟
كيف في حالتي التوبة؟ وأنا في كل الموضوع لم أرد الحرام ولست كذلك، ولكني كنت أضعف ولا أدري كيف بدر مني ما لا يليق بفتاة مسلمة مثلي!
ولكن يهمني الآن كيف أجعل توبتي صحيحة، بالرغم من أنني لست من أقلع عن الذنب، وبالرغم من أنني في بعض الأحيان أشتاق وأحن للحديث معه، ولكنني في الوقت نفسه نادمة على ذنبي، وأخاف من عقاب ربي، وأشعر بوحشة شديدة وبعد عن ربي.
عذرا على الإطالة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.